وهذه اثنتا عشرة خلة محمودة :
أحدها : أنهم يمشون على الأرض هونا ، والمعنى : أنهم يمشون متواضعين غير متكبرين ، بل يمشون بالسكينة والوقار ، فلا يضربون بأقدامهم ، ولا يخفقون بنعالهم ، أشرا وبطرا ، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ، وقد قال تعالى : (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) وفي الحديث : «المؤمنون هينون لينون» (١) : وهذا مروي عن مجاهد ، وابن عباس.
وقيل : حلماء علماء إن جهل عليهم لا يجهلون.
وقيل : أصحاب عفة ووقار : عن محمد بن الحنفية.
الخلة الثانية : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً).
قيل : المراد قالوا : سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم : وهذا يحكى عن مجاهد.
وقال الحسن : سلام توديع لا سلام تحية.
وقيل : معناه نتسلم منكم تسليما.
وقيل : يأتي بهذه اللفظة (٢).
وعن أبي علي : ادعوا الله لهم بالسلامة من أذاهم ، واطلبوا السلامة من مشاركتهم. لكن اختلفوا :
فقال أبو العالية والكلبي : هذه منسوخة بآية القتال ، والأظهر من كلام المفسرين بقاؤها.
قال جار الله : لا حاجة إلى النسخ ؛ لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشرع ، وأسلم للعرض والورع.
__________________
(١) بالتخفيف فيهما تمت.
(٢) أي يقول (سلاما) تمت.