الثالث : أن قوله : (أَنْ يَشاءَ اللهُ) في معنى كلمة التأبيد ، كأنه قال : ولا تقولنه أبدا ، هكذا ذكر جار الله.
قال : والنهي نهي تأديب ، وذلك لأن اليهود قالت لقريش اسألوه عن الروح ، وأصحاب الكهف ، وذي القرنين فسألوه : فقال : «ائتوني غدا أخبركم» ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه (١) ، فكذبته قريش.
قال الحاكم : الأوجه : أن يكون هذا شرعا مبتدأ للجميع لئلا يلزم الكذب ، والرسول عليهالسلام إذا أخبر عن إذن جاز من غير استثناء ؛ لأنه لا يكون فيه خلف ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : «إنك ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين».
وللاستثناء بإن شاء الله حكمان :
الأول : أن المتكلم يأتي به لئلا يقع في الكذب ، وقد قال الزمخشري : إنه أمر تأديب.
والثاني : أنه إذا علق به حكم كأن يقول لعبده : أنت حر إن شاء الله ، أو لامرأته أنت طالق إن شاء الله ، فالمحكي ـ عن زيد بن علي ، وأبي حنيفة ، والشافعي ـ : أنه يرفع الحكم ، ويبطله.
وقال المؤيد بالله : إنه بمعنى إن بقّاني الله.
والمذكور للهدوية : أنه بمعنى الشرط ، فإن كانت مشيئته تعلق بذلك وقع الحكم ، وإلّا فلا.
وأما الاستثناء بإلّا : فهذا يؤثر في الكلام بلا لبس نحو : له على عشرة إلا درهما. وله أحكام.
__________________
(١) في البيضاوي بضعة عشر يوما ، وفي تفسير النيسابوري في تفسير قوله (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) قال المفسرون : أبطأ جبريل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اثني عشر يوما عن ابن جريج. أو خمس وعشرين : عن ابن عباس ، أو أربعين : عن السدي. ومقاتل : ذكره في الضحى والسبب ما هنا تمت.