قيل : إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها طحنته ، فكان
أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما ، والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها
فتجري اللبن في الضروع ، والدم في العروق ، وتبقى الفرث في الكرش فسبحان الله ما
أعظم قدرته.
وسئل شقيق عن
الإخلاص فقال : (هو تمييز العمل من العيوب ، كتمييز اللبن من بين فرث ودم).
ومن كلام جار
الله قد يوجد بين خبيثين ابن لا يؤبن ـ أي : لا يعاب في الكراهة ـ أراد اللبن ، ولهذا وصفه بالخالص.
وقوله تعالى : (سائِغاً). أي : سهل المرور في الحلق ، ويقال : لم يغص أحد باللبن
هذا : ويحتمل
أنه كاللحم لورود الخبر فيهما.
ولو خرج من
الحيوان بعد الموت : فقال المؤيد بالله : يكون نجسا لمجاورة الميتة في الضرع.
وقال أبو حنيفة
ودل عليه قول أبي طالب : لا ينجس ؛ لأن بينه وبين الميتة حاجز : وهو بلّة لا تحلها
الحياة. وقد ذكر أبو طالب : أن الشاة لو سقيت خمرا ، ثم ذكيت حل شرب لبنها ، هذا
حكم.
ولا يقاس على
اللبن المني ، فيقال : لا ينجس لجريه مجرى البول والنجس كما لا ينجس اللبن لمجاورة
الدم ؛ لأن الله تعالى قد جعل اللبن خاصية وجعله خالصا ، وأيضا فإنا نقول المني
نجس غير منجس لحديث عمار.
__________________