والحاصل أنّ فيما ذكروه من الأمثلة مجالاً واسعاً للمناقشة ، نعم لا شبهة في ترتّب أصل الثمرة ، أعني : كون ما بلغ فيه الثواب في حكم سائر المستحبات ، فيجري مجراها في ترتيب الأحكام والآثار كجواز الإفتاء بالاستحباب ونحوه. قال الشيخ (قدسسره) : «إنّ الأخبار المتقدّمة إنّما دلّت على جواز العمل بالأخبار الضعيفة في السنن ، فالأخبار الضعيفة في مقام الاستحباب بمنزلة الصحاح وحينئذ فلا بأس بنقل المجتهد بمضمونها وهو الاستحباب المطلق فيكون بلوغ الرواية إلى المجتهد عثوراً على مدرك الحكم» (١).
نعم لا يخفى انّ ترتب الآثار والأحكام المترتّبة على المطلوبات الشرعية على المستحبات الثابتة بقاعدة التسامح ، انّما هو إذا لم تكن تلك الآثار آثار المستحب بعنوانه الذاتي دون المستحب بعنوانه العرضي وإلّا لم يكن مجال لترتيبها على ما ثبت استحبابه بعنوان انّه ممّا بلغ فيه الثواب.
وهاهنا ثمرات أُخر للمسألة ، ذكرها المحقّق الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ رضوان الله عليه ـ في حلقاته الأُصولية :
منها : «أن يدل خبر ضعيف على استحباب فعل وخبر ثقة على نفي استحبابه ، فإذا بنى على كون هذه الأخبار في مقام جعل الحجية لمطلق البلوغ ، وقع التعارض بين الخبرين ، لحجية كل منهما بحسب الفرض ونظرهما إلى حكم واقعي واحد إثباتاً ونفياً. وإذا بنى على كونها في مقام إنشاء استحباب واقعي نفسي ، على طبق البلوغ بوصفه عنواناً ثانياً ، فلا تعارض ، لأنّ الخبر الضعيف الحاكي عن الاستحباب لا يثبت مؤدّاه ليعارض الخبر النافي له ، بل هو بنفسه يكون موضوعاً لاستحباب واقعي مترتّب على عنوان البلوغ ، والبلوغ محقّق ، وكونه معارضاً لا ينافي صدق عنوان البلوغ ، فيثبت الاستحباب.
__________________
(١) مجموعة رسائل : ٣١ ، من منشورات مكتبة المفيد.