سواء كان محموداً أو مذموماً (١). فليس فرق أساسي بين معناه اللغوي ومفهومه الاصطلاحي ، بل هما متحدان كما لا يخفى ، ويظهر مما ذكرنا أنّ البدعة غير منحصرة فيما يكون مذموماً.
قال الطريحي في شرح حديث : من توضّأ ثلاثاً فقد أبدع :
«البدعة بدعتان : بدعة هدى ، وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان تحت عموم ما ندب الله إليه وحضّ عليه أو رسوله فهو في حيّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جعل له في ذلك ثواباً فقال : «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها» وقال في ضده : «من سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها» وذلك إذا كان على خلاف ما أمر الله به ورسوله» (٢).
هذا في البدعة ، وأمّا التشريع فقد ذكر له تعريفان :
الأوّل : إدخال ما علم أنّه ليس من الدين في الدين واخراج ما علم أنّه منه عنه ، وإن شئت قلت : تغيير القوانين الإلهية والأحكام الشرعية بإدخال ما ليس في الدين فيه وإخراج ما هو منه عنه.
الثاني : إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين فيه ، لا خصوص ما علم أنّه ليس منه.
إذا عرفت ذلك فقد ظهر أنّ التشريع بكلا معنييه يكون أخص مورداً من البدعة أي تكون النسبة بينهما هو العموم والخصوص المطلق ، لا التساوي كما
__________________
(١) البدعة ، تحديدها وموقف الاسلام منها : ١٩٥.
(٢) مجمع البحرين : ٤ / ٢٩٩. هذا وقد أنكر شيخنا الأُستاذ ـ مد ظلّه ـ تقسيم البدعة إلى قسمين وقال : انّ البدعة الشرعية ليست لها إلّا قسم واحد وهو بدعة ضلال فالتقسيم ناشئ من خلط المعنى اللغوي بالبدعة الشرعية. فلاحظ رسالة الأُستاذ ـ مد ظلّه ـ.