وأمّا القول السادس ، فهو لا يلائم أخبار الباب ، لأنّ الظاهر المتبادر منها هو بلوغ عمل يثاب عليه لا بلوغ الثواب الخاص ، مضافاً إلى أنّ لازم هذا القول رجوع الضمير في قوله (عليهالسلام) : «فعمله» ، إلى الثواب الخاص ، ولا معنى للعمل بالثواب الخاص إلّا على وجه الاستخدام ، بأن كان معنى الصحيحة مثلاً : من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شيء من الثواب الخاص على فعل ، فعمل بذلك الفعل كان ذلك الثواب الخاص له ، وهذا خلاف الظاهر وبعيد عن المساق كما لا يخفى ، ولا أقل من إطلاق الأخبار وشمولها لما إذا بلغ الثواب الخاص وما إذا بلغ استحباب عمل فلا وجه لتخصيصها بالأوّل.
ثمّ إنّه قد يتوهم كون هذه الأخبار إرشاداً إلى استحقاق العامل الثواب الخاص ، وهو مدفوع بما أفاده بعض الأعيان (قدسسره) حيث قال :
إنّ الثواب الذي يمكن الإرشاد إليه لا بد من ثبوته لا من ناحية الإرشاد بل بحكم العقل والعقلاء وليس هو إلّا أصل الثواب بناءً على أنّ الحسن العقلي والقبح العقلي ليس إلّا كون الفعل ممدوحاً عليه عند العقلاء وكونه مذموماً عليه عندهم ، وأمّا الوعد بالثواب الخاص فليس من الشارع بما هو عاقل وإلّا لحكم به سائر العقلاء بل بما هو شارع ترغيباً في فعل تعلق به غرض مولوي فيكشف عن محبوبية مولوية ومطلوبية شرعية ، غاية الأمر أنّ محبوبية ما وعد عليه بالثواب الخاص تارة مفروض الثبوت كالوعد بالمثوبات الخاصة على الواجبات والمستحبات المعلومة ، وأُخرى غير مفروض الثبوت ، فيستكشف ثبوتها بجعل الثواب الخاص فيكون من باب جعل الملزوم بجعل لازمه والترغيب فيه» (١).
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٣.