مفاد دليل الحجيّة هو الأمر ، بأن أمر من قامت عنده الامارة أن يعمل كما يعمل القاطع ، ومن المعلوم أنّ القاطع بخمرية مائع له عملان :
أحدهما : عمل من شئون القطع الطريقي ، وهو وجوب الاجتناب.
والثاني : عمل من شئون القطع الموضوعي ، وهو وجوب التصدق مثلا ، إذا فرض انّ هذا القطع كان موضوعا لذلك ، وحينئذ ، فإذا أمر من قامت عنده الامارة بأن يعمل عمل القاطع ، فبذلك ستقوم الامارة مقام القطع الطريقي والموضوعي بعبارة واحدة وبلا محذور ، فهذه العبارة تنحل إلى أمرين ، أحدهما : يتمم الحجيّة والآخر يتمم الموضوعية ، هذا كله إذ أغمضنا النظر عن برهان الآخوند «قده» وعن إشكالاتنا أيضا.
٤ ـ النقطة الرابعة : هي أنّ ما ذكره الآخوند «قده» في برهان الاستحالة من أنّ القطع والظن تارة يلحظان باللحاظ الاستقلالي ، وأخرى ، يلحظان باللحاظ الآلي ، لا معنى له ، لأنّ ما ذكره «قده» إنّما يتصور بالنسبة إلى قطع القاطع ، وظنّ الظان ، وهذا ليس محلا للكلام ، فإنّ محل الكلام هو مفهوم القطع ، ومفهوم الظن اللذان يأخذهما الشارع في موضوع حكمه ، وهذان المفهومان لا معنى لأن يلحظهما الشارع فانيين في الموضوع ، فإنّ مفهوم القطع ليس كاشفا ، بل هو كسائر المفاهيم الّتي إن لوحظت فانية فإنّما تلحظ فانية في مصاديقها كأيّ مفهوم آخر ، وكذلك مفهوم الظن.
وبعبارة أخرى : الظن والقطع الّذي له حالة المرآتية بحيث يكون تارة ، النظر إليه ، وأخرى النظر به ، إنّما هو قطع القاطع وظنّ الظان ، لا قطع المولى وظنّه الّذي يأخذه في مفهوم الحجيّة ، أي أنّ ما هو ظنّ وقطع بالحمل الشائع هذا هو الّذي يلحظ تارة آلي ، وأخرى استقلالي ، وأمّا مفهوم القطع الّذي هو قطع بالحمل الأوّلي الّذي يتصوره المولى فهذا لا معنى لأن يفنى في المقطوع ، فإنّه إن لوحظ مرآة وفانيا فهو فانيا