وتوضيحه هو ، انّ غاية ما يقال لإثبات محذور عدم المحركيّة ، هو أنّنا لا نتصور اختلافا في مراتب الظلم.
فلو سلّم ذلك أمكن تصوير عدم المحركيّة للحكم الجديد حينما يكون القبح معلولا للحكم أيضا ، وذلك ، لأنّ الحكم الأول المفترض كاف في أن تكون مخالفته ظلما ، ولا يتأكد ذلك بحكم جديد ، لأنّنا لا نتصور اختلافا في مراتب الظلم ، إذن ، فلا محركيّة للحكم الجديد.
وهذا بخلاف ما لو كان القبح واقعا في سلسلة العلل ، كقبح الغصب مثلا ، حيث أنّ الظلم هنا ليس ظلما للمولى ، بل هو ظلم لشخص آخر ، فأثر الحكم هو أن تكون المخالفة ظلما للمولى ، والظلم الأول إذ كان كافيا لاستحقاق العقاب ، ـ لما يقال مثلا : من أنّ ارتكاب القبيح موجب للذمّ ، وذمّ كل شخص بحسبه ، وذمّ المولى عقابه ـ فهذا لا يمنع عن تأثير حكم المولى في المحركيّة ، وذلك لأنّ الظلم الأول هو ظلم لغير المولى ، بينما الظلم الثاني هو ظلم للمولى ، فهما ظلمان لشخصين.
ومعه فقد يدّعى انّ ما افترضناه من عدم قبول الظلم للاشتداد إنّما هو بشأن شخص واحد ، أمّا لو كان العمل الواحد ظلما لشخصين ، فلا شكّ أنّ ظلم شخصين أشدّ من ظلم شخص واحد.
وهذا البيان لو تمّ فإنّما يتمّ بلحاظ التفصيل بين القبح الّذي يكون معلولا للحكم ، والقبح الّذي يكون راجعا إلى ظلم العباد ، ولكن لا يتمّ بلحاظ القبح الّذي يقع في سلسلة العلل ، ولكنّه يعتبر ظلما بشأن المولى ، كما في السجود بعنوان الاستهزاء بالله تعالى ، أو كما في التشريع ، وذلك لأنّه ـ في هذا الفرض ـ سيكون كلا الظلمين أيضا راجعين إلى جهة واحدة وهي المولى ، ومعه لا يتصور فيه الاشتداد ، فإن كان القبح الأول موجبا لارتداع العبد فهو ، وإلّا فتحريم المولى له أيضا