تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨))
(اطَّيَّرْنا بِكَ) لمنعك إيانا من الحظوظ والترفه (طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) سبب خيركم وشرّكم من الله. والرهط المفسدون الحواس : الغضب والشهوة والوهم والتخيل ، وتبييته : إهلاكه في ظلمة ليل النفس ، والوليّ : الروح ، ومكر الله بهم : إهلاكهم بهدّ جبال الأعضاء عليهم وتدميرهم في غارّ محلهم وتدمير قومهم بالصيحة التي هي النفخة الأولى ، وفاحشة قوم لوط في هذا التطبيق وهي إتيان الذكور ، إتيان القوى النفسانية أدبار القوى الروحانية واستنزالهم عن رتبة التأثير بتأثرهم عن تأثير هذه من الجهة السفلية واستيلاؤها عليهم في تحصيل اللذات والشهوات البدنية بهم.
[٥٩] (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩))
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) بظهور كمالاته وتجليات صفاته على مظاهر مخلوقاته (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) بصفاء استعداداتهم وبراءتهم من النقص والآفة ، فالحمد مطلقا مخصوص به لكون جميع الكمالات الظاهرة على مظاهر الأكوان صفاته الجمالية والجلالية ليس لغيره فيها نصيب ، وصفاء ذوات المصطفين من عباده ونزاهة أعيانهم عن نقص الاستعداد ، وآفة الحجاب سلامه عليهم وحصول الأمرين للمظهر التام النبويّ بالفعل هو قوله ذلك مأمورا به من عين الجمع في مقام التفصيل ، منتقلا من مقام التفصيل لعين الجمع ، مبتدئا منه وراجعا إليه الله الذي له الحمد المطلق والسلام المطلق ، خير مطلق محض في ذاته (أَمَّا يُشْرِكُونَ) من الأكوان التي أثبتوا لها وجودا وتأثيرا إذ لا يبقى بعد الكمال المطلق والقبول المطلق الذي هو اسم السلام المطلق باعتبار الفيض الأقدس إلا العدم البحت ، والشرّ الصرف المطلق الذي يقابل الخير المحض المطلق فكيف يكون خيرا.
[٦٠ ـ ٦٣] (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣))