سورة المؤمن وهي غافر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢)) هذه (حم) أي : الحق المحتجب بمحمد فهو حق بالحقيقة ، محمد بالخليقة ، أحبه فظهر بصورته فكان ظهوره به (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) المحمدي (مِنَ اللهِ) أي : ذاته الموصوفة قد تجمع صفاته (الْعَزِيزِ) بستور جلاله حال كون الكتاب قرآنا (الْعَلِيمِ) الظاهر بعلمه ، فيكون فرقانا فقوله : (حم) معناه في الحقيقة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أي : الحق الباطن حقيقته الظاهر بمحمد هو تنزيل الكتاب الذي هو عين الجمع الجامع للكل المكنون بعزّته في سرادقات جلاله المتنزّل في مراتب غيوبه ومظاهر علية في الصورة المحمدية التي ظهر علمه بها في مظهر العقل الفرقاني.
[٣] (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣))
(غافِرِ الذَّنْبِ) بظهور نوره وستره لظلمات النفوس والطبائع (وَقابِلِ التَّوْبِ) برجوع الحقيقة المجرّدة من غواشي النشأة إليه (شَدِيدِ الْعِقابِ) للمحجوب الواقف مع الغير بالشرك غير الراجع إليه بالتوحيد (ذِي الطَّوْلِ) أي : الفضل بإفاضة الكمال الزائد على نور الاستعداد الأول على حسب قبوله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أولا وآخرا وظاهرا وباطنا معاقبا ومتفضلا (إِلَيْهِ) مصير الكل على كل الأحوال من الراجع التائب والواقف المعاقب إما إلى ذاته أو صفاته أو أفعاله كيف كان لا يخرج عن إحاطته شيء فيكون خارجا عن ذاته موجودا بوجود غير وجوده ، (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١).
[٤ ـ ٦] (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦))
__________________
(١) سورة فصلت ، الآية : ٥٣.