سورة الضحى
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣)) أقسم بالنور والظلمة الصرفة (....) (١) حالها الذين هما أصل الوجود الإنساني وجماع الكونين على أن ربك ما تركك ترك مودّع في عالم النور وحضرة القدس مع بقاء المحبة والشوق في مقام الصفات محجوبا عن الذات ، فإنّ المودع لا بدّ له من محبة وشوق (وَما قَلى) أي : وما قلاك في عالم الظلمة والوقوف مع الكون بلا محبة وشوق في مقام النفس محجوبا عن الربّ وصفاته وأفعاله ترك قال مبغض وذلك أن المحبوب الذي يسبق كشفهاجتهاده إذا كوشف بالتوحيد الذاتي ورفع غطاؤه ليعشق ردّ إلى الحجاب وسدّ طريقه إلى حضرة تجلي الذات ليشتدّ شوقه ويلطف سرّه وتذوب أنائيته بنار الشوق ثم فتح طريقه ورفع حجابه بالكلية وكوشف بالحق الصرف ليكون ذوقه أتم وكشفه أكمل ، وكان صلىاللهعليهوسلم في هذا الاحتجاب يصعد الجبال ليرمي بنفسه فإذا نفدت طاقته رفع الحجاب ونزل.
[٤ ـ ٥] (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥))
(وَلَلْآخِرَةُ) أي : وللحالة الآخرة التي هي التجلي بعد الاحتجاب واشتداد الشوق (خَيْرٌ لَكَ مِنَ) الحالة (الْأُولى) لا منك في الحالة الثانية عن التلوين بوجود البقية وظهور الأنانية (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) الوجود الحقاني لهداية الخلق والدعوة إلى الحق بعد هذا الفناء الصرف (فَتَرْضى) به حيث ما رضيت بالوجود البشري والرضا لا يكون إلا حال الوجود.
[٦ ـ ٨] (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨))
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) منفردا محجوبا بصفات النفس عن نور أبيك الحقيقي الذي هو روح القدس منقطعا عنه ضائعا (فَآوى) أي : فأواك إلى جنابه وربّاك في حجر تربيته وتأديبه وكفلك أباك ليعلمك ويزكيك (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) عن التوحيد الذاتي عند كونك في عالم أبيك محتجبا بالصفات عن الذات فهداك بنفسه إلى عين الذات (وَوَجَدَكَ عائِلاً) فقيرا عديما فانيا فيه بالفقر
__________________
(١) طمس رسم الكلمة في المطبوعة.