سورة الصافات
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٥] (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥))
(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) أقسم بنفوس السالكين في سبيله طريق التوحيد ، الصافات في مقامهم ومراتب تجلياتهم ومواقف مشاهداتهم (صَفًّا) واحدا في التوجه إليه (فَالزَّاجِراتِ) في دواعي الشياطين ، وفوارغ التمنيات النفسانية في الأحايين (زَجْراً) بالأنوار والأذكار والبراهين (فَالتَّالِياتِ) نوعا من أنواع الأذكار بحسب أحوالهم باللسان أو القلب أو السرّ أو الروح كما ذكر غير مرة على وحدانية معبودهم لتثبيتهم في التوجه عن الزيغ والانحراف بالالتفات إلى الغير (رَبُ) سموات الغيوب السبعة التي هم سائرون فيها ، وأرض البدن (وَما بَيْنَهُما وَرَبُ) مشارق تجليات الأنوار الصفاتية ، وصفه بالوحدانية الذاتية في أطوار الربوبية الكاشفة عن وجوه التحوّلات بتعدّد الأسماء ليتحفظوا عند تعدّد تجليات الصفات وترتب المقامات من الاحتجاب بالكثرة.
[٦] (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦))
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) أي : العقل الذي هو أقرب السموات الروحانية بالنسبة إلى القلب (بِزِينَةٍ) كواكب الحجج والبراهين ، كقوله : (بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) (١).
[٧] (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧))
(وَحِفْظاً) أي : وحفظناها (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) من شياطين الأوهام والقوى التخيلية عند الترقي إلى أفق العقل بتركيب الموهومات والمخيلات في المغالطات والتشكيكات (مارِدٍ) خارج عن طاعة الحق والعقل.
[٨ ـ ٩] (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩))
(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) من الروحانيات والملكوت السماوية بتلك الحجج (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) من جميع الجهات السماوية ، أي : من أي وجه من وجوه المغالطة والتخييل
__________________
(١) سورة الملك ، الآية : ٥.