سورة القمر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٦] (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦))
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) إنما كان انشقاق القمر آية قرب القيامة الكبرى ، لأن القمر إشارة إلى القلب لكونه ذا وجهين : وجه مظلم يلي النفس ، وآخر منوّر يلي الروح ، ولاستفادته النور من الروح كاستفادة القمر النور من الشمس وانفلاقه بتأثير نور الروح فيه وظهور شمسه من مغربها أي : بروزها من حجاب القلب بعد كونها فيه علامة قرب الفناء في الوحدة لكونه مقام المشاهدة المؤدية إلى الشهود الذاتي وإن حملت على دور الظهور الذي هو زمان المهدي المبعوث في نسمها. فانشقاق القمر انفلاقه عن ظهور محمد عليهالسلام لظهوره في دور القمر وإن حملت على الصغرى فالقمر هو البدن لاستفادته نور الشعور والحياة من شمس الروح وظلمته في نفسه ويقويه قوله : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) أي : يظهر مقتضى الموت ويدعو موجبه إلى شيء منكر فظيع تكرهه النفوس.
[٧ ـ ١٠] (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠))
(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) من الذلّة والعجز والمسكنة والحرمان (يَخْرُجُونَ) من أجداث الأبدان (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) شبهها بالجراد لكثرة النفوس المفارقة وذلتها وضعفها وحرصها وتهالكها على حضرة الذات الحسية والشهوات الطبيعية وميلها إلى الجهة السفلية كما شبهها بالفراش لتهالكها إلى نور الحياة. وعلى الأول يوم يدعو داعي الروح والقلب النفوس إلى شيء منكر عندها من ترك الحظوظ العاجلة واللذات البدنية والحسيّة الذي هو الموت الإرادي بالرياضة ومشايعة السرّ في التوجه إلى جناب الحق خشعا أبصارهم ، ذليلة منكسرة لقهر الداعي لها واستيلائه عليها يخرجون من أجداث الأبدان بالتجرد والانخلاع عنها كأنهم جراد لضعفها