سورة المزمل
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤))
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) أي : المتلفف في غواشي البدن وملابسه (قُمِ) من نوم الغفلة سائرا في سبيل الله ، سالكا مسالك بيداء النفس ومراحل مفازة القلب إلى الله ، ليل مقام النفس واستيلاء الطبع (إِلَّا قَلِيلاً) بحكم الضرورة للاستراحة والأكل والشرب ومصالح البدن ومهماته التي لا يمكن التعيّش بدونها وذلك هو نصفه ، أي : نصف كونه في مقام الطبيعة من الزمان بأسره ليكون الربع من الدورة التامة التي هي أربع وعشرون ساعة للاستراحة والربع لضروريات البدن (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) إن كنت من الأقوياء حتى يبقى الثلث فيكون السدس للاستراحة والسدس لضروريات المعاش (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) قليلا إن كنت من الضعفاء حتى يصير إلى الثلثين فيكون الثلث للاستراحة والثلث للضروريات والثلث للاشتغال بالله والسير في طريقه.
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ) أي : فصل ما في فطرتك من المعاني والحقائق مجموعة ، وفي استعدادك مكنونة بإظهارها وإبرازها بالتزكية والتصفية.
[٥ ـ ٧] (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧))
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ) بتأييدك بروح القدس وإفاضة نوره عليك حتى يخرج ما فيك بالقوة إلى الفعل من المعاني والحكم (قَوْلاً ثَقِيلاً) ذا وزن واعتبار (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) أي : النفس المنبعثة من مقام الطبيعة ومقيل الغفلة (هِيَ أَشَدُّ) موافقة للقلب وأصوب ، قولا صادرا من العلم لا من التخيل والظنّ والوهم (إِنَّ لَكَ) في نهار مقام القلب وزمان طلوع شمس الروح (سَبْحاً) أي : سيرا وتصرّفا وتقلّبا في الصفات الإلهية ومقامات الطريقة (طَوِيلاً) بلا أمد ونهاية.
[٨ ـ ٩] (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩))