بيان تمام مراده ـ فبالظفر بالمقيّد نستكشف أنّه لم يكن في مقام البيان ، فلم يكن إطلاق في البين حتى يستلزم حمله على المقيّد تصرّفا في المطلق.
وفيه : أنّ الظفر بالمقيّد لا يكشف عن عدم كون المولى في مقام البيان قانونا ـ كما هو مختار صاحب الكفاية (١) ـ بل يكشف عن أنّه لم يكن بمراد جدّيّ له ، وهكذا على المختار من أنّ المراد من البيان هو بيان مراده الجدّي والواقعي لا يرفع الظهور المنعقد للمطلق في الإطلاق أيضا ، فإنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه ، بل ظهور المطلق في الإطلاق على حاله ، ولا يصادمه الظفر بالمقيّد ، فأيّ موجب لرفع اليد عن هذا الظهور؟
ومنها : ما أفاده صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ من أنّ ظهور المقيّد في الإيجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق (٢).
وهو كما أفاده إلّا أنّ الكلام في منشأ الأقوائيّة.
وربما يقال : إنّ ظهور الهيئة في الوجوب التعييني في المقيّد حيث إنّه بالوضع يقدّم على ظهور المطلق في الإطلاق ، فإنّه بمقدّمات الحكمة.
وفيه (٣) : أنّ الهيئة على مختاره ـ قدسسره ـ لم توضع إلّا للجامع بين الوجوبين ، والتعيين إنّما يستفاد من مقدّمات الحكمة.
وعلى ما اخترناه من أنّها لم توضع إلّا لإبراز الاعتبار النفسانيّ وإنّما العقل يحكم بلزوم الإتيان بما جعله المولى على عهدته وأبرزه بمبرز ما لم يرخّص في تركه ، فالوجوب والاستحباب أمران خارجان عن مدلول اللفظ ، فهذا الوجه ليس بوجيه.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٩٠.
(٢) كفاية الأصول : ٢٩١.
(٣) ورد في هامش الأصل هذه العبارة : وفيه أنّ استفادة الوجوب التعييني أيضا بمقدّمات الحكمة عنده [كفاية الأصول : ٩٩] كما هو مختارنا أيضا.