الفرد المنهيّ عنه أيضا.
وليعلم أنّ كلامنا فيما إذا تعلّق النهي بالشرط ، كما إذا قال : «لا تستّر بالحرير» والمصلّي تستّر به ، وأمّا لو قال : «لا تلبس الحرير» وهو تستّر بغيره ولبس الحرير أيضا بحيث كان التستّر ـ الّذي هو شرط في الصلاة ـ بغير الحرير وبغير الفرد المنهيّ عنه ، وارتكب فعلا حراما آخر لا ربط له بالشرط ، وهو : لبس الحرير ، فلا إشكال في صحّة صلاته ، وليس هذا إلّا كالنهي عن النّظر إلى الأجنبيّة في عدم كونه موجبا لفساد العبادة.
وبعد ذلك كلّه نرجع إلى أصل المطلب ، وأنّ النهي عن العبادة أو المعاملة موجب للفساد أم لا؟ فيقع الكلام في مقامين :
الأوّل : في العبادة. وقد ظهر من مطاوي ما ذكرنا أنّ النهي فيها يكون موجبا للفساد ، وذلك لأنّه لا بدّ في صحّة العبادة من أمرين : الإضافة إلى المولى ، وقابليّتها لها ، فإن كان المكلّف ملتفتا إلى تعلّق النهي بها ، فكلاهما منتف ، إذ مع علمه والتفاته بمبغوضيّتها كيف يعقل أن يتمشى منه قصد القربة!؟ وإن لم يكن ملتفتا إليه وإن كان يتمشّى منه قصد القربة إلّا أنّ الفعل حيث إنّه مبغوض للمولى لا يقبل الإضافة إليه ، ولا معنى لصحّة العبادة التي يعتبر فيها قصد القربة بدون قابليّتها للإضافة وبدون إضافتها إلى المولى.
وربما يقال ـ كما في الكفاية (١) ـ : إنّ كون النهي موجبا للفساد وإن كان مسلّما كبرى إلّا أنّه لا صغرى له.
وبعبارة أخرى : على تقدير تعلّق النهي بالعبادة نهيا مولويّا ذاتيّا لا شبهة في كونه موجبا للفساد ، لكنّه لا يمكن ذلك ، حيث إنّ المكلّف إمّا أن يكون غير
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٢٤.