للعبد الآتي بها بدواعيه النفسانيّة في الثواب وإن أتيا كلاهما بالمأمور به ، بل للأوّل في كلّ مقدّمة ثواب ليس للثاني وإن أتى بها أيضا بعين هذا البيان ، ولا إشكال في تعدّد الثواب.
وبهذا يظهر أنّ ما ورد في الأخبار من الثواب على المقدّمات لا يحتاج إلى التأويل أصلا.
هذا كلّه في الثواب ، وأمّا العقاب فلا يكون إلّا على تقدير مخالفة الأمر.
والفرق : أنّ ترك المقدّمات هنا لا يعدّ مخالفة ما لم ينجرّ إلى ترك ذيها ، وإذا انجرّ ، فلا يكون هناك إلّا طغيان واحد ومخالفة واحدة (١).
وبما ذكرنا ظهر أنّ حكم الواجبات الغيريّة بعينه حكم الواجبات التوصّليّة في استحقاق الثواب والعقاب.
ثمّ لا فرق في ذلك بين الالتزام بوجوب المقدّمة أو عدمه ، كان الوجوب أصليّا أو تبعيّا ، لأنّ المناط في استحقاق الثواب إتيان المقدّمة بقصد الأمر النفسيّ ومضافا إلى المولى ، سواء تعلّق به الأمر أو لا ، وسواء كان مدلولا للخطاب أم لم يكن ، فإنّ العقل يستقلّ باستحقاق الثواب بالمعنى الّذي ذكرنا للعبد الّذي مشى في طريق رضى مولاه وأتى بما لا يكون مأمورا به ممّا يتوقّف المأمور به عليه توصّلا إلى ما يكون مأمورا به وانقيادا لسيّده.
وهنا إشكالان :
الأوّل : أنّه لا ريب في ترتّب الثواب على الطهارات الثلاث مع أنّ الأمر المتعلّق بها غيريّ وهو توصّليّ لا يترتّب على امتثاله الثواب وعلى مخالفته
__________________
ـ النفسيّ ، وهذا دليل على أنّ الثواب في المورد المفروض على الانقياد ولا أقلّ من الاحتمال. (م).
(١) فتأمّل ، فإنّ هذا الفرق غير فارق. (م).