وحدة الحكم وتعدّد شرطه مفهوما من القضيّة الشرطيّة أو غيرها.
فالأولى أن يجعل محلّ النزاع هكذا : إذا دلّ دليل على سببيّة شيء لشيء مستقلّا ، ودلّ دليل آخر على سببيّة شيء آخر له كذلك ، أي مستقلّا ـ سواء كان الدليلان كلاهما شرطيّتين أو أحدهما أو لا يكون شيء منهما كذلك ـ فهل تتداخل الأسباب أو لا؟ واختلفوا في ذلك ، فهم : بين قائل بالتداخل ، وقائل بعدمه ، وقائل بالتفصيل بين اختلاف الجنس فالثاني ، وعدمه فالأوّل.
وليعلم أنّ مورد النزاع فيما إذا كان الحكم قابلا للتعدّد ، كما في «إذا بلت فتوضّأ» و «إذا نمت فتوضّأ» حيث يمكن أن يكون الوضوء مطلوبا بطلبين مرّتين ، وأمّا ما لا يقبل التعدّد ـ كما في «من سبّ أحد الأئمّة صلوات الله عليهم ـ يجب قتله» و «من أبدع في الدين يجب قتله» حيث لا يمكن قتل من سبّ وأبدع مرّتين ـ فخارج عن محلّ النزاع قطعا.
ثمّ إنّه إن ثبت ظهور للجملة في التداخل أو عدمه ، يتبع ، وإن لم يثبت وبقينا على شكّ وحيرة ، فمقتضى القاعدة هو التداخل ، إذ الزائد على تكليف واحد مشكوك ينتفي بالأصل ، فنتيجته أنّ الأسباب المتعدّدة لا تؤثّر إلّا في تكليف واحد.
هذا فيما إذا لم يثبت عدم التداخل ، ولو ثبت عدم التداخل وأنّ كلّا يقتضي تكليفا غير ما يقتضيه الآخر ، وشكّ في أنّ هذه التكاليف المتعدّدة هل تمتثل بفعل واحد بقصد امتثال الجميع؟ كما إذا ثبت وجوب إكرام العالم والهاشميّ فأكرم عالما هاشميّا بقصد امتثال كلا التكليفين ، فهل يحصل الامتثال به أو لا؟ وبعبارة أخرى : بعد ما ثبت أنّ الأسباب لا تتداخل هل تتداخل المسببات أو لا؟ فمقتضى قاعدة الاشتغال هو عدم جواز الاكتفاء وعدم التداخل