وجوب شيء مثلا وفرضنا أنّ الواقع على خلاف مؤدّاها إن قيل : إنّ الواقع انقلب عمّا هو عليه ، حيث لا يمكن التكليف به ، لاستحالة الانبعاث في هذا الحال ، فهو من التصويب المجمع على بطلانه ، وإن قيل : إنّه فعليّ إلّا أنّ التحريك والبعث إليه ليس بفعليّ ، فهو المطلوب. فهذه النقوض تثبت عدم شرطيّة إمكان الانبعاث في فعليّة التكاليف الواقعيّة.
الجهة الثالثة : في أنّه هل يمكن الأمر بالمهمّ بنحو الترتّب على عصيان الأهمّ وبشرط مخالفة أمره أم لا؟ ونحن نتكلّم قبل بيان مقدّمات الترتّب في أمرين :
الأوّل : أن لا مانع من القول بإمكان الترتّب إلّا توهّم طلب الجمع بين الضدّين ، نظرا إلى أنّ الأمر بالمهمّ وإن كان مشروطا بالعصيان إلّا أنّ الأمر بالأهمّ مطلق ، فهو موجود في ظرف العصيان وحصول الشرط ، فإذا اشتغل المكلّف العاصي لأمر الإزالة بالصلاة ، فأمر الصلاة لوجود شرطه موجود ، والأمر بالإزالة لإطلاقه أيضا موجود ، فالمولى يطلب الجمع بين الضدّين ، وهو محال.
والجواب عنه : بأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار لا يفيد شيئا ، لما مرّ من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لا خطابا ، وإلّا لجاز أن يأمر المولى بالجمع بين الضدّين بشرط مجيء زيد ، بأن يقول : إن جاءك زيد فاجمع بين الضدّين ، ويجب أن لا [يكون] مانع من هذا الأمر بدعوى أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وهو واضح البطلان ، وظاهر أنّ هذا المولى لا يليق بالمولويّة.
ونحن نجيب عنه إجمالا ، جوابا إلزاميّا جدليّا ، وتفصيله يأتي إن شاء الله في المقدّمات.