توجب عدم صلاحيته لأن يتقرّب به ، بل النهي الغيريّ ناشئ من مقدّميّة ترك الصلاة للإزالة ، لا أنّه نشأ من مفسدة تكون في الصلاة حتّى لا تصلح لأن يتقرّب بها.
الجهة الثانية : في أنّه من أين يستكشف وجود الملاك في حال المزاحمة؟ ومن أخبرنا بذلك مع عدم الأمر؟
وقيل له وجوه :
الأوّل : أنّ إطلاق الأمر بالضدّ يدلّ على وجوبه في نفسه وكونه ذا مصلحة ملزمة وذا ملاك ملزم ، وفي صورة المزاحمة قيّد الإطلاق ـ من حيث دلالته على الوجوب ـ بغير هذا الفرد المزاحم للواجب المضيّق مع كونه موسّعا ، أو للواجب الأهمّ مع كونهما مضيّقين ، ويبقى الإطلاق على حاله من حيث دلالته على كون المأمور به ذا ملاك ملزم ، فيشمل هذا الفرد المزاحم.
وبعبارة أخرى : إذا سقط المدلول المطابقي ـ وهو الوجوب ـ عن الحجّيّة بالنسبة إلى الفرد المزاحم ، لا يسقط مدلوله الالتزاميّ عن الحجّيّة ، بل يبقى على حاله.
وهذا مبنيّ على ما أفاده صاحب الكفاية في بحث التعادل والتراجيح (١) من أنّه إذا كان هناك دليل له مدلولان : أحدهما مطابقيّ ، والآخر التزاميّ ،
__________________
ـ النهي من الشارع. وبعبارة أخرى : النهي النفسيّ يكشف عن ثلاثة أمور :
١ ـ كون المتعلّق ذا مفسدة.
٢ ـ كونه مبغوضا للمولى.
٣ ـ منع الشارع عن تطبيق المكلّف الواجب على أيّ فرد شاء ، والنهي الغيري يشارك النفسيّ في الثالث وإن لم يشاركه في الأوّلين ، ومع منع الشارع عن التطبيق كيف يصحّ العمل ويكون محبوبا للمولى!؟ (م).
(١) كفاية الأصول : ٤٩٩ ، وحاشية فرائد الأصول : ٢٦٦ ، ولم نعثر على تلك الفروع فيهما.