فلا يمكن توجيه الخطاب الترتّبيّ نحوه ، بأن يقال : «أيّها الفاقد للماء تيمّم ، فإن عصيت فتوضّأ» لأنّ حكم الوضوء مساوق للواجديّة شرعا ، فبعد حكم الشارع بكونه فاقد الماء يكون معنى هذا الخطاب أنّه «أيّها الفاقد الواجد توضّأ» ولا يمكن الحكم بالواجديّة في ذلك الحين الّذي حكم بفاقديّته ، فما ذهب إليه السيّد الطباطبائي في عروته من الحكم بصحّة الوضوء على تقدير العصيان (١) ، ممّا لا وجه له.
ونظير ذلك : وجوب الحجّ ، فإنّ موضوعه هو المستطيع ، فإذا كان أحد عنده مال بقدر الكفاية للحج لكن يكون عليه دين أو عنده من تجب عليه نفقته ، لا يكون هذا الشخص مستطيعا عند الشارع ، وحيث قسّم المكلّف إلى المستطيع وغير المستطيع وحكم بوجوب الحجّ على الأوّل دون الثاني ، فمن هذا يستكشف أن لا ملاك لوجوبه على غير المستطيع ، فإن عصى هذا المكلّف ـ الّذي عنده مال بقدر الكفاية للحجّ لكن يجب عليه إنفاقه على من تجب نفقته عليه ـ وحجّ ، لا يكفي عن حجّة الإسلام ، لعدم وجود الأمر بالحجّ ولو على نحو الترتّب ، لأنّه لا يخرج بواسطة عصيان أمر «أنفق على زوجتك» مثلا عن عنوان غير المستطيع شرعا ، ولا يدخل تحت عنوان المستطيع حتّى يكفي عن حجّة الإسلام.
الأمر الثاني : أنّ من المسلّم المحقّق أنّ الجهر موضع الإخفات وبالعكس والإتمام موضع القصر يكونان مسقطين للواجب في حقّه إذا كان عن جهل ، وهذا ممّا لا كلام فيه وإنّما الكلام في أنّه قد اتّفقت الكلمات على أنّه إذا
__________________
(١) ذهب السيّد الطباطبائي ـ قدسسره ـ في العروة ـ عند ذكر المسوّغ السادس للتيمّم ـ إلى بطلان الوضوء إذا كان التيمّم متعيّنا ، واعترف به السيّد الخوئي ـ قدسسره ـ في المحاضرات ٣ : ١٠١ في مقام الاعتراض على هذه النسبة للسيّد الطباطبائي قدسسره.