أحدهما : أنّ إطلاق الهيئة شمولي وإطلاق المادّة بدلي ، وكلّما دار أمر التقييد بين الإطلاق الشمولي والبدلي تقدّم البدلي.
أمّا شموليّة إطلاق الهيئة : فلأنّ مفادها ـ بمقتضى مقدّمات الحكمة ـ وجوب الإمساك مثلا في أيّ زمان كان طلع الفجر أم لا بحيث تكون هناك عند الانحلال أحكام ووجوبات متعدّدة متعلّقة بموضوعات متعدّدة ، كما أنّ حرمة الإكرام في «لا تكرم الفاسق» تنحلّ بأحكام عديدة للموضوعات المتعدّدة ، فوجوب الإمساك ثابت لكلّ زمان من الأزمنة ، كما أنّ حرمة الإكرام ثابتة لكلّ فرد من الأفراد.
وأمّا بدليّة إطلاق المادّة : فلأنّ الإمساك وإن كان مطلقا بالقياس إلى هذا الزمان وذاك الزمان وهكذا إلّا أنّ المأمور به حيث إنّه طبيعة الإمساك ، وامتثالها يتحقّق بإتيان فرد من الأفراد في ضمن زمان من الأزمنة ، فالمأمور به في الحقيقة هو الفرد المنتشر المطلق من حيث هذا الزمان وذلك الزمان لا كلّ فرد ، كما أنّ المأمور به في «أكرم العالم» هو الفرد المنتشر المطلق من حيث الكبر والصغر ، والعدالة والفسق ، وغير ذلك.
وأمّا الكبرى ـ وهي تقديم الإطلاق الشمولي على البدلي ـ فلما أفاده ـ قدسسره ـ في بحث تعارض الأحوال (١) من أنّ حرمة الإكرام في «لا تكرم الفاسق» بمقتضى مقدّمات الحكمة ثابتة لكلّ فرد من أفراده بحيث يكون كلّ فرد محكوما بهذا الحكم ، سواء تساوت الأفراد أم لا ، والتقييد في الواقع تخصيص بصورة ، كما أنّ «لا تصلّ في النجس» يقتضي النهي عن الصلاة سواء كانت النجاسة هي البول أو الدم أو الملاقي لأحدهما ، مع أنّها متفاوتة من حيث
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٥٧.