فنقول : نفرض الكلام في الواجبين اللذين لا تعاند بينهما في الوجود ، كما إذا أمر المولى بدخول المسجد على نحو الإطلاق وأمر بقراءة الفاتحة بشرط عصيان أمر الدخول في المسجد ، فنسأل منكر الترتّب عن أنّه إذا دخل المسجد وقرأ الفاتحة معا هل يقعان معا على صفة المطلوبيّة أو لا؟ فإن قال بالأوّل ، فنقول : إنّه خلف واضح حيث إنّ القراءة على هذا الفرض لا أمر لها ، وآتيها بداعي الأمر مشرّع عاص ، وإن قال بالثاني ، فهو المطلوب ، فالقول بالترتّب مقتض لعدم طلب الجمع بين الضدّين لا أنّه موجب لطلبه.
الأمر الثاني : أنّ القول بإمكان الترتّب ملازم لوقوعه ، ولا يحتاج الوقوع إلى برهان ، بل نفس الإمكان مقتض للوقوع.
بيان ذلك : أنّ سقوط كلّ أمر لا بدّ له من موجب ، وإذا فرض أنّ فعليّة الأمر بالضدّين على نحو الترتّب ممكنة وليس التزاحم بين وجودي الأمر بهما بل التزاحم بين امتثاليهما ، فلا بدّ في رفع اليد عن إطلاق الأمر بالمهمّ من العجز عن الامتثال إمّا تكوينا أو تشريعا ، والعجز التشريعي ليس على الفرض ، والتكوينيّ منه حاصل حال الاشتغال بامتثال الأهمّ لا مطلقا ، فلا يرفع اليد عن إطلاق الأمر بالصلاة إلّا حال الاشتغال بالإزالة ، لمكان العجز عن إتيان الصلاة حينئذ ، إذ الضرورات تقدّر بقدرها ، فإذا عصى المكلّف ، ولم يشتغل بالإزالة ، فلا مانع من شمول إطلاق الأمر بالصلاة هذه الحال ، فتصحّ الصلاة بداعي أمرها.
ويتفرّع عليه أنّه إذا تنجّس موضعان من المسجد متساويان ليس بينهما أهمّ ، فلازم القول بالترتّب وجود الأمر بإزالة نجاسة كلّ من الموضعين ، غاية الأمر كلّ مشروط بعدم الآخر ، ولازم القول باستحالته سقوط الخطابين كليهما ،