فصل :
في جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص. والكلام يقع في جهات ثلاث :
الأولى : في لزوم أصل الفحص ، وأنّه هل يجب مطلقا ، أو لا يجب كذلك ، أو هناك تفصيل؟
الثانية : في مقدار الفحص ، وأنّه هل يجب بمقدار يحصل به القطع ، أو الاطمئنان ، أو مطلق الظنّ؟
الثالثة : في الفرق بين الفحص في المقام وبينه في الشبهات البدويّة لجريان الأصول العمليّة.
أمّا الجهة الأولى : فقد ذكر في وجه لزوم الفحص عند احتمال وجود المخصّص وجوه لا فائدة في ذكر جميعها والنقض والإبرام فيها ، فلنقتصر على وجهين منها :
أحدهما : ما أفاده صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ من أنّ المناط في لزوم الفحص وعدمه هو المعرضيّة للتخصيص وعدمها ، فلو كان هناك عامّ لم يكن معرضا للتخصيص ـ كما هو الغالب في العمومات الصادرة من أهل المحاورة ـ فلا يجب الفحص أصلا ، لاستقرار السيرة من العقلاء على العمل بالعامّ حينئذ ، ولو كان معرضا للتخصيص ـ كما في عمومات الكتاب والسنّة ـ فلا يجوز العمل قبل الفحص ، لاستقرار السيرة على عدم العمل عند ذلك ، ولا أقلّ من الشكّ
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٦٥.