وأفاد في الكفاية (١) أنّ هذا التقسيم ظاهرا يكون بالقياس إلى مقام الثبوت والواقع ـ بمعنى أنّ الشيء المطلوب إمّا أن يكون ملحوظا وملتفتا إليه تفصيلا أو ملحوظا إجمالا وارتكازا ، فالأوّل أصليّ والثاني تبعيّ ـ لا الإثبات بمعنى أنّ الشيء المطلوب إمّا مقصود بالتفهيم في مقام الإفادة مستقلّا ـ سواء كان الواجب نفسيّا أو غيريّا ـ وإمّا يكون مقصودا بالتفهيم تبعا والتزاما كذلك ، وذلك لأنّ التقسيم إن كان بالقياس إلى عالم الإثبات والدلالة ، لا يصير الحصر حاصرا ، إذ يكون هناك شقّ ثالث ، وهو ما لا يكون أصليّا ولا تبعيّا ، كما إذا لم يكن بعد مفاد خطاب ، بل ثبت وجوبه بالإجماع أو العقل [و] هذا بخلاف ما إذا كان التقسيم بالنسبة إلى مقام الثبوت ، فإنّ الحصر عليه حاصر ، غاية الأمر أنّ الواجب النفسيّ متمحّض على هذا (٢) في الأصليّة حيث إنّه مطلوب نفسا وله مصلحة مستقلّة ، فيتعلّق به طلب مستقلّ وإرادة مستقلّة كان هناك شيء آخر مطلوب أولا.
أقول : إن كان التقسيم بلحاظ حال اللحاظ والالتفات وأنّ الواجب إمّا ملحوظ تفصيلا أو إجمالا وارتكازا ، فلا يتفاوت الحال في النفسيّ والغيري ، وكما يجري هذا التقسيم في الواجب الغيري يجري في الواجب النفسيّ أيضا ، وهذا كما إذا غرق ولد المولى وهو غافل عنه ، فإنّ الإنقاذ حينئذ مطلوب نفسا ومراد مستقلّا في مقام الثبوت والواقع وتعلّق الشوق ، لكنّه غير ملحوظ تفصيلا ، بل لوحظ إجمالا وارتكازا.
والّذي يسهّل الخطب أنّ هذا التقسيم ليس له ثمرة أصلا ، كما لا يخفى ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٢.
(٢) وعلى الأوّل يجري فيه هذا التقسيم أيضا. (م).