الجنة أصلا ، وليس للغاية هنا مفهوم ، ووجه التأكيد فيه كدعوى الشيء ببينة ، لأنه جعل ولوج الجمل فى السم غاية لنفى دخولهم الجنة ، وتلك غاية لا توجد ، فلا يزال دخولهم الجنة منتفيا.
* * *
(٤٦) الحذف :
إسقاط جزء الكلام أو كله لدليل ، وهو خلاف الأصل ، لذا فإنه إذا دار الأمر بين الحذف وعدمه كان الحمل على عدمه أولى ، لأن الأصل عدم التغيير ، وإذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته كان الحمل على قلته أولى.
ولا بد للحذف من دليل ، والدليل تارة يدل على محذوف مطلق ، وتارة على محذوف معين ومن أدلة الحذف :
١ ـ أن يدل عليه العقل حيث تستحيل صحة الكلام عقلا إلا بتقدير محذوف ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) يوسف : ٨٢ فإنه يستحيل عقلا تكلم الأمكنة إلا بمعجزة.
٢ ـ أن تدل عليه العادة الشرعية ، كقوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) النحل : ١١٥ ، فإن الذات لا تتصف بالحل والحرمة شرعا ، إنما هما من صفات الأفعال الواقعة على الذوات ، فعلم أن المحذوف التناول ، ولكنه لما حذف وأقيمت الميتة مقامه أسند إليها الفعل وقطع النظر عنه.
٣ ـ أن يدل العقل على الحذف والتعيين ، كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) الفجر : ٢٢ ، أى أمره أو عذابه وملائكته ، لأن العقل دل على أصل الحذف ، ولاستحالة مجىء البارى عقلا ، لأن المجيء من سمات الحدوث ، ودل العقل أيضا على التعيين ، وهو الأمر ونحوه.
٤ ـ أن يدل العقل على أصل الحذف ، وتدل عادة الناس تعيين المحذوف ، كقوله تعالى : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) يوسف : ٣٢ ، فإن يوسف عليهالسلام ليس طرفا
(ـ ٦ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ٣)