ولسان الرسول عربى ، ولهذا جرى القرآن على لسانه عربيّا ، وإذا كان القرآن لسان السماء جرى على لسان الرسول مبينا إلى جريانه عربيّا ، يمثل أعلى ما ينتظمه اللسان العربى من لغات ، وأحوى ما يجمع من لهجات ، وكانت لغة مضر أعلى ما يجرى على لسان قريش وأحواه ، فنزل بها القرآن ، وفى هذا يقول عمر : نزل القرآن بلغة مضر : وكانت لغة مضر هذه تنتظم لغات سبعا لتبائل سبع ، هم : هذيل ، وكنانة ، وقيس ، وضبة ، وتيم الرباب ، وأسد بن خزيمة ، وقريش.
ولقد مثل القرآن هذه اللغات السبع كلها مفرقة فيه لكل لغة منه نصبب. وهو أولى الأقوال بتفسير الحديث «نزل القرآن على سبعة أحرف». (وانظر القراءات).
* * *
(٧٤) المبالغة :
١ ـ وهى أن يكون للشيء صفة ثابتة فتزيد فى التعريف بمقدار شدته أو ضعفه ، فيدعى له من الزيادة فى تلك الصفة ما يستبعد عند السماع ، أو يحيل عقله ثبوته ، كقوله تعالى : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) النور : ٤٠ ، يعنى : ظلمة البحر ، وظلمة الموج فوقه ، وظلمة السحاب فوق الموج.
٢ ـ ومنه المبالغة فى الوصف بطريق التشبيه ، كقوله تعالى : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) المرسلات ٣٢ ، ٣٣.
٣ ـ ومنه ما جرى مجرى الحقيقة ، كقوله تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) النور : ٤٣ وقد تجىء المبالغة مدبحة ، كقوله تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) الرعد : ١٠ ، فإن المبالغة فى هذه الآية مدبحة فى المقابلة ، وهى بالنسبة إلى من تخاطب لا إلى