و «خَشْية» : تعني «الخوف الممزوج بالتعظيم الناتج عن علمٍ ووعي» ، وفي الحقيقة هي مزيجٌ من الرهبةِ والرجاء لهذا وَصَفَ الله نفسه بعد هذا الكلام مباشرة بصفتي «عزيز» و «غفور» حيث إنَّ الأولَ منشأ للرهبة والثاني مصدر للرجاء ، وعليه فانَّ ذيل الآية مركبٌّ في الحقيقةِ من العلة والمعلول.
علماً أنَّ ذكرَ «الإنعام» بعد الدّواب ، جاء من باب ذكر الخاص بعد العام ، لأهميّة الانعام في حياة الناس.
* * *
وفي الآية الثامنة وجَّه الَّلومَ من خلال استفهامٍ توبيخي للمشركين والكافرين الذين ضلّوا وتركوا خالق الكون وتوجهوا نحو الأصنام ، فقال : (أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ).
إنّ التعبير بـ «لَهُم» ذو مفهومٍ واسعِ للغايةِ حيث يشمل المنافع المختلفة لجميع أجزاء هذه الانعام ، أَجَلْ .. فقد اقتضى لطفُ الله أن يكونَ هو «الخالق» والآخرون هم «المالكون»!.
ثم أشار إلى نكتةٍ اخرى فيما يخص الانعام ، مضيفاً : (وَذَّللْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُم وَمِنْهَا يأكْلُونَ* ولَهُمْ فِيْهَا مَنافِعُ وَمَشَارِبُ).
ويقول في الختام «فهلا يشكرون هذه النِّعم التي وهبها الله للناس»؟ ولا يَسْعَوْنَ لمعرفة ذاته المقدّسة؟ (أَفَلا يَشْكُرُونَ).
ويُمكنُ أن يكون التعبير بـ (ممّا عَمِلَتْ أَيْدينا) إشارة إلى تعقيد مسألة الحياة التي لم ينكشف لغزُها للبشر لحد الآن ، وهذا نابعٌ من قدرته الازليّة فقط.
والتعبير بـ «المشارب» بعد ذكرِ «المنافع» من قبيل ذكر الخاص بعد العام حيث تمَّ الاستناد إليه بسبب أهميّته.
علماً أنّ «مَشارِب» جمع «مَشرب» (لأنّها جاءت مصدراً ميميّاً بمعنى اسم المفعول ،