واللطيف أنّه يقول في نهاية الآية : (مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتابِ مِنْ شَىءٍ) (١). (ثُمَّ إِلَى ربِّهِمْ يُحْشَرُوْنَ).
والتعبير بـ «حَشر» يشير أيضاً إلى أنّها ذات عقلٍ وإرادةٍ نوعاً ما.
يُستفادُ من الآيات أعلاه أنَّ الطيور ومن عدة جوانب تعتبر من آيات الله ولا يمكن نسبة هذه الظواهر الدقيقة والمعقدة والمليئة بالأسرار إلى الصدفة العمياء والصماء أو إلى الطبيعة التي لا عقل ولا شعور لها.
* * *
توضيحات
١ ـ فَنُّ الطيران الْمعقَّد
منذ سنواتٍ والإنسان يُفكر : ما هذه القوة الخفيّة التي تساعد الطيور الثقيلة نسبياً على الطيران خلافاً لجاذبية الأرض وتجعلها تطير بانسيابية ويُسرٍ ومهارةٍ في أعالي السماء ، وتتنقلُ بسرعةٍ؟ ولكن باختراع الطائرة وصناعتها تمّ اكتشاف هذا السر بانَّ هناك قوة تسمى «القوة الرافعة» تستطيع أنْ ترفع الأجسام الثقيلة جدّاً وتجعلها تطير في السماء ، فضلاً عن الطيور. ويمكن توضيح ذلك في عبارةٍ بسيطةٍ وخاليةٍ من المصطلحات الفنية بما يلي :
لو كان لجسمٍ سطحان مختلفان (كاجنحة الطيور أو اجنحة الطائرة حيث يكون سطحها العلوي منحنياً وبارزاً ، فلو تحرك هذا الجسم افقياً ستتولد قوةٌ خاصةٌ ترفعُهُ إلى الأعلى ، وهذا يعود إلى أنَّ ضغط الهواء سيتضاعف على السطح السفلي أكثر من العلوي (لأنَّ السطح العلوي أوسع من السفلي).
وتعدّ الاستفادة من هذا القانون السبب الرئيس في تحليق الاجسام الثقيلة في الجو ، ولو
__________________
(١) «فَرَّطنا» من مادة «تفريط» أي التقصير في اداء العمل وتضييعه بنحوٍ يضيع (صحاح اللغة) ويردُ هذا الاحتمال أيضاً بأنَّ المقصود من عدم التفريط في هذا الكتاب السماوي يعني أنَّ للقرآن مفهوماً جامعاً حيث يشمل كافة حاجات الإنسان إلّاأنّه نظراً إلى ذيل الآية فانَّ المعنى أعلاه يعتبر أكثر مناسبة.