والأغرب من كل هذا أنّ الجنين يقع في داخل كيس مملوء بماء لزج بحيث يكون معلقاً في داخل ذلك الكيس وفي حالة تامة من فقدان الوزن ، أي لا يواجِهُ أي ضغط من أي جانب ، ذلك أنّ بنية الجنين وخاصة في بداياته تكون رقيقة جدّاً بحيث يمكن لأقلّ ضغط عليه أن يسحقه.
ولهذا الكيس بما يحتويه من ماء خاصية القابلية على مواجهة الضربات ، وهو تماماً كاللوالب المرنة التي توضع لأفضل السيارات ، حيث بامكانها امتصاص وابطال مفعول أية ضربة توجه إليه نتيجة الحركات السريعة للأم.
والألطف أنّه يحفظ درجة الحرارة بالنسبة للجنين ضمن الحدود المعتدلة ، ولا يسمح للحرارة والبرودة المفاجئة التي تهاجم بطن الأم من الخارج أن تترك آثارها بسهولة على الجنين!
فهل يمكن العثور على مقر أكثر أماناً من هذا؟ وما أجمل تعبير القرآن حين يسمي مقر النطفة بـ «القَرار المكين»؟!
٤ ـ خصيمٌ مبين
هذه أيضاً إحدى عجائب الجنين ، سواء فسرناها بمعنى قدرة الإنسان على الكلام والاستدلال والاحتجاج ، كما قال بعض المفسرين ، أو فسرناها كونها المسابقة والنزاع الذي يحصل بين الحيامن أثناء الحركة باتجاه البويضة (نطفة الأنثى) في رحم الأم ، والذي ينتهي بنجاح أحد الحيامن في اتحاده بالبويضة ، أمّا بقية الذين انهزموا في هذه الخصومة فانّهم يفنون ويجذبهم الدم ، أو اعتبرناها إشارة إلى كلا التفسيرين.
وعلى كل حال ، فهذه من النقاط الظريفة والبديعة للجنين ، إذ يظهر من موجود منحط وحقير ظاهرياً إِلى ظاهرة سامية وقيّمة جدّاً.
٥ ـ تغذية الجنين
تغذية الجنين بدورها إحدى العجائب ، لأنّ النمو والرشد السريع للجنين يستلزم مواداً