بالإضافة إلى أنَّ التعرف على هذا الاختلاف في الرزق يدفع الحريصين إلى التخلي عن حرصهم ، ولا يتلوث المؤمنون بتحصيل الرزق من الحرام ، ولا ييأس المحرومون أيضاً.
* * *
٣ ـ إذا كانَ الرزقُ مضموناً للجميع فلماذا يموتُ البعضُ جوعاً؟
في الآيات أعلاه تتجسدُ هذه الحقيقة جيداً بأنَّ الله تعالى قد تكفَّلَ برزق جميع الموجودات الحيّة ، وايصاله إليها أينما كانت ، ولكن يبرز هذا السؤال وهو : لماذا ماتت وتموت مجاميعُ من الناس جوعاً الآن وعلى طول التاريخ؟ أَلَمْ يُؤَمَّنُ رزقُها؟!.
في الرد على هذا التساؤل يجب أخذ النقاط الآتية بنظر الاعتبار : أولاً : إنَّ تأمين وضمان الرزق لا يعني اعدادَه للإنسان العاقل والمكلَّف وارساله إلى بيته ، أو وضعهِ في فمه كاللقمة ، بل قد اعدت الأرضية اللازمة ، وسعيُ الإنسان واجتهاده يعتبر شرطاً لتحقيق هذه الأرضية وايصالها إلى مرحلة الفعل ، حتى مريم (عليهاالسلام) عندما كانت في ذلك الوضع الصعب وفي تلك الصحراء القاحلة حيث هيأ لها اللهُ تعالى رزقها رطباً جنياً على جذع النخلة أمرها بأنْ تسعى وخاطبها : (وهُزِّى الَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ).
ثانياً : لو أنَّ الناسَ ـ في الماضي والمستقبل ـ يقومون بهضم حقوق الآخرين ويسلبون أرزاقهم ظلماً فهذا ليس دليلاً على عدم تأمين البارىء تعالى للرزق ، وبتعبير آخر : إضافة إلى مسألة السعي والاجتهاد فإنّ وجود العدالة الاجتماعية يعتبر سراً في التوزيع العادل للأرزاق ، وإذا قيل : لماذا لا يمنع اللهُ ظلمَ الظالمين؟ نقول : إنَّ أساس حياة البشر يقوم على الحرية وليس على الاجبار والاكراه كي يخضع الجميع للامتحان ، وإلّا فلا يحصل التكامل «فتأمل جيداً».
ثالثاً : هناك مصادر كثيرة لتأمين طعام البشر على هذه الكرة الأرضية ولكن يجب أن تكتشفَ وتُستخدمَ بذكائهم ومعرفتهم ، وإذا قصَّر الإنسان في هذا المجال فالذنبُ ذنبهُ.
لا يجب أن ننسى أنّ بعض مناطق افريقيا التي يموت شعبها جوعاً تعتبر من اغنى