وأيّاً منها يُعتبر آيةً من آيات الباري عزوجل.
في حين احتملها البعضُ إشارة إلى «الزوجية» (أي الذكر والانثى) الموجودة في عالم النباتات ، وهذه الحقيقة اكتشفت لأول مرّة على نطاقٍ واسعٍ على يد عالم النبات السويدي المعروف «لينه» أواسط القرن الثامن عشر الميلادي ، حيث إنّ النباتات ـ على الأغلب ـ تحمل وتثمر كاليحوانات عن طريق تلاقح الذكر والانثى ، في الوقت الذي وردت هذه الحقيقة في القرآن الكريم قبل قرون عديدة.
ومن هنا حيث لا تعارُضَ بين هذين المعنيين فيمكن أن تكون إشارة اليهما معاً.
إنَّ وصف «الزَوْج» بـ «الكريم» علماً بأنَّ لفظ «كريم» يعني الموجود الثمين ، إشارة إلى أهميّة أنواع النباتات وقيمتها الفائقة.
إنَّ تنوعَ النباتات كثيرٌ إلى الحد الذي يقول بعض العلماء : إنَ «النخل» أكثر من ثلاثة آلاف نوعٍ ، و «الكاكتي» أو «التين الهندي» ألف وسبعمائة نوع ، و «ورد الثعلب» الف ومائتا نوع ، ونَسبوا لـ «الكَمَأْ» مائة الف نوع ، ول «الطحالب» أربعة آلاف نوع ، ول «التفاح» سبعة آلاف نوع ، وذكروا لـ «الحنطة» خمساً وثلاثين الف نوع! (١).
حقاً ... كم هو عجيب عالمُ النباتات الفسيح بكل هذا التنوع؟ وكم هو عظيمٌ خالقُه ومدبّرهُ!
* * *
وفي الآية الثانية ومن أجل إثبات «وحدانية المعبود» يدعو الناس إلى تَفحُصِ أسرار خلق السموات والأرض ثم نزول المطر ، ثم يقول : «فَأنْبَتْنا بِهِ حَدائِق» (٢) ذاتَ بَهْجَةٍ» ، وليس في إمكانكم أبداً أن تُنبتوا أشجارَ هذا البستان الجميلة : «مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنبِتُوا شَجَرَهَا» ،
__________________
(١) عالم الزهور ، ص ٩٩ إلى ١١٨.
(٢) «الحدائق» جمع «حديقةٍ» وتعني «البستان» ، وهي تعني في الأصل قطعة الأرض التي تجمَّعَ فيها الماء ، وقدفسَّرها الكثير من المفسرين بأنّها البُستان الذي ضُربَ حوله بسور وفيه ما يكفي من الماء.