كانت من الأصول
على الاستصحاب ، وإن قلنا إنّه من الأمارات لقوله صلىاللهعليهوآله في بعض أخبارها «وإذا شككت في شيء [من الوضوء] ودخلت في
شيء آخر فشكّك ليس بشيء» حيث إنّه نفى موضوع الشك ، ولازمه نفي آثاره ، ومنها الأخذ بالحالة السابقة ، فظهر أنّه يمكن حكومة
الأصل العملي على الدليل الاجتهادي ، إمّا بالنظر العمدي كالمثال المفروض أولا ،
وإمّا بالنظر القهري كالمثالين الأخيرين.
واعلم أنّ للشيخ
المحقق الأنصاري قدسسره في بيان معنى الحكومة عبارتان :
إحداهما : ما ذكره في آخر باب الاستصحاب حيث قال : ومعنى الحكومة على ما سيجيء في آخر باب التعارض
أن يحكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عمّا يقتضيه الدليل الآخر ، لو لا هذا
الدليل الحاكم ، أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله ، لو لا الدليل
الحاكم ، قال : وسيجيء ، توضيحه.
والثانية : ما ذكره في أوّل هذا الباب على ما وعده حيث قال : وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين
بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال الدليل الآخر ، ورافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن
بعض أفراد موضوعه ، فيكون مبيّنا لمقدار مدلوله ، وميزان ذلك أن يكون بحيث لو فرض
عدم ورود ذلك الدليل ، لكان هذا الدليل لغوا ، خاليا عن المورد ، نظير الدليل على
أنّه لا حكم للشك في النافلة ، أو مع كثرة الشك .. إلى آخره.
أقول : وظاهره حيث أحال المقام الأول إلى الثاني اتحاد
التعبيرين ، لكنّهما متغايران في الجملة ، إذ الفقرة الثانية من العبارة الأولى
غير مذكورة في الثانية ، والتعرض بالمدلول اللفظي غير مذكور في الأولى ، وكذا
اللغويّة مع فرض عدم ورود الدليل المحكوم ، لكن قد ضرب في بعض النسخ على قوله :
وميزان ذلك .. إلى قوله : خاليا عن المورد.
__________________