التقيّة لا تزيد على الغلبة في الظنّ ، وقد ذكر أنّ معها لا يحصل الظنّ بالحكم لوجود احتمال التأويل أو الكذب أو الخطأ ، ويظهر من قوله أو يدعى الغلبة في خصوص الأخبار المتعارضة .. إلى آخره ؛ كفاية الغلبة مع أنّه حكم بعدم كفايتها ، ثمّ لا وجه للحكم بكون دعوى الغلبة مجازفة ثمّ تسليمها في آخر الكلام ؛ فتدبّر!.
ثمّ لا يخفى أنّ جميع ما ذكره ـ على فرض تماميّته ـ إنّما يمنع عن التمسك بهذا المرجّح من باب التقيّة ، والحمل عليها ، وأمّا إذا أخذنا به بمقتضى القاعدة من باب غلبة البطلان على أحكامهم ، وكون الرشد في خلافهم ـ على ما هو المعلوم والمدلول للأخبار (١) ـ فلا مانع منه ، ويحصل منه الظن بالواقع مع فرض الانحصار في الاحتمالين ، أو يحصل (٢) الظنّ بعدم كون الموافق حكما شرعيا ، فيبقى الآخر على قوّته وإفادته للظنّ مع فرض (٣) عدم الانحصار ، فلا وجه لطرحه من حيث القاعدة بالمرة ؛ فتدبّر!
وأمّا من الجهة الثانية وهي الأخذ بهذا المرجّح من جهة الأخبار فقد يستشكل فيها بأنّ المسألة عمليّة لا تثبت بأخبار الآحاد ، كما عن المحقق ، وقد يستشكل من جهة ضعف الأخبار الدالّة عليه (٤) ، وقد عرفت الجواب عنهما سابقا ، وأنّه لا فرق بين الأصول والفروع في ثبوتها (٥) بخبر الواحد ، وأنّ الأخبار ـ مستفيضة ، مقبولة ـ مجبورة بعمل الأصحاب.
وقد يستشكل في دلالتها بما عرفت عن المفيد من أنّ المراد منها غير المقام ، وأنّها واردة لبيان أنّه إذا ورد القدح والمدح في واحد من رؤساء المنكرين فالثاني معتبر دون الأول ، وأنت خبير بما فيه من التخصيص بلا مخصّص ؛ مع أنّ بعض الأخبار كالصريح في خلافه ، بل المقبولة صريحة في ذلك ، حيث إنّ موردها مسألة الدّين والميراث ، وقريب من هذا التأويل ما إذا قيل إنّ المراد الأخبار الواردة في
__________________
(١) الكافي : ١ / ٧.
(٢) في النسخة (ب) : ويحصل الظن.
(٣) في النسخة (ب) : على فرض.
(٤) أي على الأخذ بهذا المرجّح.
(٥) في نسخة (ب) و (د) : ثبوتهما.