والأوثقيّة المذكورة في المرفوعة ، بمعنى الترجيح بكل واحدة منها ، أو باجتماع الأربعة ـ بناء على الجمود على ظاهر المقبولة ـ والشهرة ، والشذوذ ، وموافقة الكتاب ، وموافقة السنّة ، وموافقة ما علم من أخبار الإماميّة ، بل ما نقل عنهم بالنقل المعتبر ؛ لأنّه يشمله قوله «وأحاديثنا» في الرواية المتقدمة ، ولا يكون في طرف المعارضة ؛ لأنّا نفرضه عامّا في قبال الخاصين المتعارضين ، ويمكن إدراج هذا المرجّح في السابق ، دليلا ومدلولا كما لا يخفى ، ومخالفة العامّة ، وموافقة أخبارهم ، وموافقة ميل حكّامهم ، ومشابهة الخبر لأخبارهم وأقوالهم في طرز البيان (١).
ويمكن إرجاع الثلاثة الأخيرة إلى السابق (٢) ، بجعل الجميع من مخالفة العامّة والأحدثيّة من باب النسخ أو من باب التقيّة ، والأحوطيّة والأسهليّة والأرشديّة وجميع هذه معتبرة ، سوى الثلاثة الأخيرة ، لضعف المرفوعة وخبر البحار الدالين عليها سندا ودلالة (٣) ، مع إنّه لا يفهم معنى محصّل للأرشديّة ؛ هذا مع عدم كون بناء العقلاء عليها ، بخلاف البقيّة.
نعم ؛ يمكن إرجاع الأسهليّة إلى موافقة الكتاب دليلا ومدلولا ، لمكان قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٤) .. ونحوه ؛ إلّا إنّه لا يخفى أنّه ليس المراد من الترجيح بالأسهليّة ما يشمل مثل ما لو تعارض خبران أحدهما دالّ على الوجوب والآخر على عدمه ، بدعوى أنّ الثاني موافق لسهولة الملّة واليسر بالأمّة ، وإلا رجع إلى الترجيح بموافقة أصل البراءة في اللبّ (٥) ، بل المراد به مثل ما إذا دلّ
__________________
(١) الظاهر أنّ العدد يزيد على الثلاثة عشر مرجحا ؛ إلا أن يراد منه دخول الصفات الخمس التي في المقبولة في ضمنها ، وإلا لو كان العدد بالإضافة إليها لكانت ثمانية عشر ؛ فالتفت.
(٢) أي موافقة الخبر لأخبارهم وأقوالهم ، وموافقة ميل حكّامهم ، وموافقة أخبارهم.
(٣) أمّا ضعف المرفوعة فالوجه فيه الرفع إلى المعصوم في حد ذاته ، فإنّه موجب لضعف الرواية حيث لا يعلم من سقط من سلسلة السند ، وأمّا خبر البحار فلعل تضعيفه من جهة التشكيك في كتاب المحاسن المأخوذ منه الرواية أو طريق صاحب البحار إليه وليس الوجه ما توهمه البعض من تردد الكتاب بين نسبته للأب أو لولده فإنّ لا يوجب فرقا مع توثيق كليهما.
(٤) البقرة : ١٨٥.
(٥) الظاهر أنّ مجرد موافقة أحد المرجحين لمفاد أصل ما لا يوجب كونه رجوعا للعمل به ، وهنا فيما لو كان مفاد الترجيح لعدم الوجوب موافقا لنتيجة القول بالبراءة ، إلا أنّه لا يلزم أن يكون عملا بالبراءة ، وذلك لوضوح أنّ الموجب للقول بعدم الوجوب موافقته لسهولة الشريعة.