الحضور ، ومورد يتوقع الوصول إليه ، ويمكن فيه الإرجاء وترك التعرض ، وليست دالّة على الإرجاء مطلقا ولو في زمن الغيبة ، أو في زمان لا يمكن الوصول إليه ، ألا ترى أنّه لو قال إنّي شككت في كذا ـ مثلا ـ أنّي فعلت أو لا؟ فقيل له قف حتى تسأل حكمه عن المجتهد ، يعلم منه أنّ مراده في مورد يمكن الوصول إليه ، ويمكن تأخير الواقعة فكذا في المقام ، فقوله عليهالسلام «قف حتى تلقى إمامك» مختصّ بما ذكر ، وكذا قوله «عليكم بالكفّ والتثبت والوقوف حتى يأتيكم البيان من عندنا» ، وقوله عليهالسلام «ردّوه الينا» .. ونحو ذلك.
وليس المراد من قوله «ردّوه إلينا» فذروه في سنبله ، وإذا كان كذلك فيكون أخص من أخبار التخيير ، فيحكم بالتخيير في غير المورد المذكور ، ففي زمان الغيبة يحكم بالتخيير مطلقا ، وإن أبيت عن ذلك نقول : إذا كان مفاد بعض أخبار التوقف ذلك فتكون قرينة على التقيّة ، أو نقول بعضها الآخر محمول على الفتوى ، مثل قوله عليهالسلام «ردّوه إلينا» ، فالظاهر من أخبار التوقف في وجوب الإرجاء في مقام العمل مفاده خاص بما ذكرنا ، إذ أظهرها في ذلك المقبولة ، ومن المعلوم فيها ما ذكرنا ؛ إذ لا معنى لإرجاء واقعة الدّين والميراث في زمان الغيبة إلى لقاء الحجّة.
ويمكن أن يكون هذا مراد صاحب الغوالي أيضا من الفرق بين الاختيار والاضطرار ـ يعني أنّه لو كان مضطرا إلى العمل بأحدهما فيكون مخيرا ـ لكنّ كلامه أعمّ من زمان الغيبة والحضور.
ويمكن أن يقال : في زمان الغيبة مضطر إلى العمل في جميع الوقائع ، إذ لا واقعة يمكن إرجاؤها إلى الأبد إلا نادرا ، بل لعلّه مراد المشهور أيضا ، وإن أسند (١) إليهم الفرق بين الغيبة والحضور ، إلا أنّ مرادهم ذلك ، ومرادهم من التوقف الإرجاء ، لا الاحتياط.
هذا ؛ ولكن يبعد ما ذكرنا بل ينافيه أنّ بعض أخبار التخيير ظاهر في صورة التمكن من لقاء الإمام عليهالسلام ، بل ورد في صورة اللقاء ، كخبر الحميري والمحمل وخبر سماعة ، إلا أن يقال إنّ خبر سماعة دليل على التوقف بالبيان السابق ، وخبر المحمل المراد
__________________
(١) في نسخة (د) : استند.