وأخبارهم المتظافرة دلّنا على وجوب مسح الرجل دون الغسل ، فأين موضع الثمرة.
وأما توجيه قراءة النصب على ما يوافق مذهب الإمامية فهو أمر سهل ، فيجوز أن يكون (وَأَرْجُلَكُمْ) منصوبا بنزع الخافض أو معطوفا على محلّ (بِرُؤُسِكُمْ) مع أنّا نعتقد قطعا أو قريبا من القطع أنّ قراءة النصب إنّما صدر عمّن صدر بعد علمه باستقرار المذهب على وجوب غسل الرجل ، فأراد تطبيق الآية عليه ، وكان يناسبه قراءة النصب فقرأ بالنصب أو قرب ذلك في ذهنه لأجل الأنس بالمذهب.
قوله : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) حيث قرئ بالتشديد من التطهر (١).
(١) قد يقال أو قيل : إنّ (يَطْهُرْنَ) بالتخفيف أيضا بمعنى الاغتسال ، ولعله بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ الطهارة. وقد يقال : إنّ (يَطْهُرْنَ) بالتشديد أيضا بمعنى النقاء ، ولعل ذلك بناء على مجيء تفعّل بمعنى فعل ، وعليهما تنتفي الثمرة ، ولكنهما خلاف الظاهر.
ولكن يمكن أن يقال بعد تسليم أن (يَطْهُرْنَ) بالتشديد بمعنى الاغتسال وبالتخفيف بمعنى النقاء أنّ مفاد الآية استمرار حرمة المقاربة إلى زمان الاغتسال ، أما على قراءة التشديد فظاهر ومسلّم ، وأما على قراءة التخفيف فلأنّ تعقبه بقوله (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) قرينة على أنّ الغاية ليس مجرّد الطهارة بل هي مع التطهر ، إمّا لأجل أنّ القضية الثانية تصريح بمفهوم القضية الأولى ، فما سوى مدلول القضية الثانية منطوق الأولى ، وإمّا لأجل ظهور القضيتين بنفسهما أو بضميمة مقام بيان الحكم في عدم الواسطة بين موضوعيهما ، وفهم العرف في
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٥٧.