نظائره يساعد على ما ذكرنا ، مثلا لو قيل لا تكرم زيدا حتى يأتيك فإذا سلّم عليك فأكرمه ، يفهم منه أنّ غاية النهي أمران : الإتيان والسلام ، فكأنّه قال : حتى يأتيك ويسلّم عليك فإذا أتاك وسلّم عليك فأكرمه.
قوله : إما أن نقول بتواتر القراءات كلّها كما هو المشهور (١).
(١) الظاهر أنّه أراد القراءات السبعة وإن قيل بتواتر القراءات العشرة ، ولعمري أنّ قضية تواتر القراءات أمر مريب في الغاية من جهة اشتهاره بمثابة لم ينقل المخالف من السابقين إلّا من الزمخشري وابن الحاجب وعليّ بن طاوس (قدسسره) ، ومن أنّ ما ذكره المحدّث الجزائري وتبعه جمع كثير ممن تأخّر عنه في تضعيفه ظاهر الورود عليه ، ولنذكر شطرا منه على ما حكاه السيد الصدر في شرح الوافية وارتضاه.
وخلاصته : أنّه بعد ذكر سبب تحريف القرآن وزمانه قال : وبالجملة لما وقعت إليهم المصاحف على ذلك الحال تصرّفوا في إعرابها ونقطها وإدغامها وإمالتها ونحو ذلك من القوانين المختلفة بينهم على ما يوافق مذاهبهم في اللغة والعربية ، كما تصرّفوا في النحو وصاروا إلى ما دوّنوه من القواعد المختلفة ، قال محمد بن بحر الدهشي : أنّ كل واحد من القراء قبل أن يتجدّد القارئ الذي بعده كانوا لا يجيزون إلّا قراءته ، ثم لما جاء القارئ الثاني انتقلوا عن ذلك المنع إلى جواز قراءة الثاني ، وكذلك في القراء السبعة ، فاشتمل كل واحد على إنكار قراءته ثم عاد إلى خلاف ما أنكر ثم اقتصروا على هؤلاء السبعة ، مع أنّه قد حصل في علماء المسلمين والعالمين بالقرآن أرجح منهم ، مع أنّ زمان الصحابة ما كان هؤلاء السبعة ولا عددا معلوما من الصحابة للناس يأخذون القرآن عنهم
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٥٧.