ثانيها : أنّ توجيه الخطاب بحرمته غير ممكن لكون عنوان التجرّي عنوانا مغفولا عنه.
ثالثها : أنّ عنوان التجرّي عنوان غير مقدور فلا يمكن تعلّق التكليف به. وقد مرّ جوابهما من أنّ مقدورية القدر المشترك بينه وبين سائر المعاصي كافية في صحة التكليف وإن كان مغفولا عنه بعنوانه الخاصّ. وقد تفطّن المستدلّ لهذا الوجه من الجواب وردّه بأنّ المتجري لم يقصد العصيان بالقدر المشترك وإنما قصد العصيان الخاص الذي لم يحصل. والجواب : أنّ قصد القدر المشترك قد حصل بقصد الخاص ، لكن لم يقع الخصوصية من المتجري وقد وقع القدر المشترك ، وقد سبق تحقيقه وتوضيحه في المقدّمات فراجع.
ويشهد لما ذكرنا أنّ المستدل قد سلّم بما سيأتي نقل كلامه من أنّ قصد المتجري حرام عقلا لا فعله ، ولا شكّ أنّه لا وجه لحرمة القصد إلّا باعتبار تعلّقه بالقدر المشترك وإلّا فكيف يقول بحرمته مع تخلّف القصد الخاص الذي لم يقع متعلّقه.
قوله : وقد يظهر من بعض المعاصرين التفصيل في صورة القطع ، إلى آخره (١).
(١) المراد صاحب الفصول (٢) ذكره في مباحث التقليد في فصل معذورية الجاهل ومحصّل مراده : أنّ التجرّي بنفسه مقتض للقبح والتحريم لو لم تعارضه جهة محسّنة بمصادفته واجبا واقعيا توصّليا يكون رعاية مصلحته أو مفسدة تركه أهمّ في نظر الشارع من مراعاة قبح التجرّي ، فلا جرم يكون الحكم تابعا
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤١.
(٢) الفصول الغروية : ٤٣١ ـ ٤٣٢.