ومنها قوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(١) وأما غير الآيات الشريفة فقول القائل ان في نفسي كلاما لا اريد ان أبديه الى غيرها من الموارد الدالة على الكلام النفسي.
والجواب : ان جميع المذكورات وامثالها امور ذهنية ونفسية ومن الظاهر ان الوجودات الذهنية والامور البنائية القلبية لا تكون كلاما نفسيا فان دلالة الكلام على ذلك الأمر الذهني كما تقدم دلالة عقلية فكما ان الجمل اللفظية تدل على الامر الذهني كذلك جميع الأفعال الاختيارية كالقيام والقعود والاكل والشرب تدل على القصد والتصور والميل والشوق بالدلالة العقلية.
الدليل السادس : ان الصفات الفعلية الالهية يجوز ان تسلب عن ذاته تعالى فيصح أن يقال ان الله لم يخلق زيدا ، ولا يصح أن يقال ان الله لم يتكلم فيعلم ان التكلم من صفاته الذاتية ، وبعد ثبوت كونه ذاتيا لا بد من الالتزام بكونه قديما لعدم جواز كون ذاته معرضا للحوادث وذلك القديم الكلام النفسي.
وفيه : انه لا فرق بين الخلق والتكلم ، فكما يجوز أن يقال ان الله خلق زيدا ولم يخلق فلانا كذلك يصح أن يقال ان الله كلم موسى ولم يتكلم فلانا ، فالمتحصل انه لا دليل على تمامية دعوى الكلام النفسي.
الامر الرابع : في بيان الارادة وتحقيق الحال فيها.
فنقول : المشهور بين الفلاسفة ان الارادة ، عبارة عن الشوق المؤكد وذلك الشوق المؤكد الذي يكون من صفات النفس علة للفعل وقالوا : ان اختيارية الافعال الاختيارية بالارادة وأما نفس الارادة ، فلا تكون اختيارية وإلّا لدار أو تسلسل.
وتبعهم في هذا المسلك بعض من الاصوليين كصاحب الكفاية وتلميذه الشيخ
__________________
(١) البقرة / ٢٨٤