بل توجد بارادته تعالى وعليه كيف يمكن تعلق التكليف بافعالهم بتقريب أن أفعالهم اما اريدت منهم واما لم ترد أما على الاول : فيلزم تخلف الارادة عن المراد وهو غير ممكن.
وأما على الثاني فيلزم أن يكون البعث لغوا فلا بد من التفرقة بين الارادة والطلب : بأن نقول ان الله لم يرد الاطاعة من العاصي ولكن طلب منه وذلك الطلب كلام نفسي.
والجواب عن الدليل المذكور اولا : ان افعال العباد اختيارية لهم كما يظهر إن شاء الله تعالى.
وثانيا : ان افعال العباد كما طلبت منهم كذلك اريدت غاية الامر الارادة المتعلقة بها ارادة انشائية كما ان الطلب المتعلق بها طلب انشائي.
وثالثا : ليس مدلول الطلب الانشائي الطلب القائم بمن يطلب كى يقال انه مصداق للكلام النفسي بل مدلول الطلب الانشائي ابراز الاعتبار النفساني كما تقدم فان صيغة الأمر وضعت لابراز الاعتبار فمدلول الصيغة لا يرتبط بالكلام النفسي.
ورابعا : الالتزام بالكلام النفسي لا يرفع الاشكال اذ لو قلنا بعدم الفعل اختياريا للعبد فمع عدم الارادة الازلية الالهية يكون البعث لغوا ويكون الطلب عبثا اذ مع عدم كون العبد مختارا لا اثر لتوجه الخطاب اليه فالاشكال يبقى بحاله على ذلك المعنى الفاسد الذي التزم به الاشعري.
الدليل الخامس : جملة من الآيات الشريفة القرآنية وغيرها الذي يستعمل منها قوله تعالى (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ)(١).
__________________
(١) يوسف / ٧٧