والجواب : عن هذا الدليل ان المراد بالمبدإ ان كان هو الكلام فلازمه أن لا يصح توصيف الممكن بالتكلم اذ الكلام قائم بالهواء فان الكلام يتحقق من تموج الهواء على نحو خاص ويقرع سمع المستمع ويلزم صحة توصيف الهواء بالمتكلم وهو كما ترى.
وأما اذا كان المراد من المبدأ التكلم فانه عبارة عن ايجاد الكلام فلا مانع من توصيف ذاته به ولا يلزم اي محذور.
وأما النقض بالنوم ونحوه فالجواب عنه ان صدق هذه العناوين بنظر العرف واللغة فان العرف يطلق النائم على من يكون النوم حالا فيه لا على موجده وايضا : يطلق المتحرك على من حل فيه الحركة لا على موجدها.
وبعبارة واضحة : صدق المشتقات على الذوات بحسب وضعها والاعتبارات الملحوظة فيها لغة وعرفا وليس صدقها وعدم صدقها أمرا قياسيا كليا بل لا بد من ملاحظة كل واحد منها بحياله واستقلاله.
الدليل الثالث : ان كل متكلم بالاختيار اذا أراد أن يتكلم بكلام يكون تكلمه مسبوقا بتنظيم كلامه في نفسه اولا من حيث فائدته وترتيب الألفاظ من حيث التقدم والتأخر ثم يتكلم فذلك الامر الاولي عبارة عن الكلام النفسي ويدل عليه الكلام اللفظي.
وفيه : ان هذه الدلالة لا تكون دلالة لفظية بل هذه الدلالة دلالة عقلية فان كل فعل اختياري يدل على أن فاعله يتصور ذلك الفعل اولا.
وبعبارة اخرى : المشار اليه في الدليل عبارة عن الوجود الذهني فكل فعل اختياري صادر عن المختار يدل على وجوده الذهني حتى الواجب قبل صدور فعل منه يعلمه والظاهر ان المراد بالكلام النفسي عند قائله ليس الوجود الذهني.
الدليل الرابع : ان أفعال العباد لا تكون اختيارية لهم وغير مقدورة للعباد