وهو معلوم للعوام ؛ وذلك المؤثر مختار ، وهو غير معلوم لهم ، فإنّه ما لم يثبت أنّه ليس بموجب لم يجب اسناده إلى المختار ، فقطع العامّي بأنّه مختار من دون الاستدلال عليه ، يكون تقليدا في هذه المقدّمة وفي النتيجة.
وإذا شاهد فعلا خارقا للعادة صدر عن بشر أو استدلّ به على ثبوته من غير أن يبرهن على أنّه من فعله تعالى دون خاصية نفس الرسول ، أو خاصية دواء أو فعل جنّي ، أو ملك.
وعلى أنّه تعالى فعله لغرض التصديق لا غير كان مقلّدا في بعض المقدّمات ، فكذا في النتيجة فبطل فرقهم بين صاحب الجملة والتفصيل. فلم يبق إلّا أن يقال : «أدلّة الأصول على التفصيل سهل» (١) وهو مكابرة ، أو أنّه يجوز التقليد فيهما ، فينتفي الفرق بينهما.
احتجّ المانعون بوجوه (٢) :
الأوّل : قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣). والتقليد قول بغير المعلوم فكان منهيا عنه.
الثاني : أنّه تعالى ذمّ المقلّدين في قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(٤) فلا يكون جائزا لقبح الذم على الجائز.
__________________
(١) أي أنّ الإحاطة بالأدلة على تفصيلها وتدقيقها شيء سهل ويسير.
(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣١ ـ ٥٣٢.
(٣) البقرة : ١٦٩.
(٤) الزخرف : ٢٣.