وبذلك يعلم سرّ ما روي عن ابن عباس انّه قال : إنّ القرآن يفسره الزمان. (١)
فكما أنّ الزمان يفسر الحقائق الكونية الواردة في القرآن الكريم فكذلك يفسر إتقان تشريعه في مجال الفرد والمجتمع ، كما هو أيضا يفسر أخباره الغيبية الواردة فيه ، وعلى ذلك فللزمان دور في الإفصاح عن معاني الآيات كدوره في استنباط الأحكام.
السابع : تأثيرهما في تفسير السنّة
ربما يرى الباحث اختلافا في السنة المروية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الطاهرين ، فيعمد إلى رفع الاختلاف بوجوه عديدة مذكورة في الكتب الأصولية ، ولكن ثمة حل لطائفة من هذه السنن المتخالفة ، وهو أنّ لكلّ من الحكمين ظرفا زمانيا خاصا يستدعي الحكم على وفقه ، فإذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حارب قريشا في بدر وأحد فلمصلحة ملزمة في ذلك الزمان ، وإذا أظهر المرونة وتصالح معهم في الحديبية فلمصلحة ملزمة أيضا ، ولذا لم يصغ إلى مقالة من قال : «أنعطي الدنيّة في ديننا» وتصور أنّ في الصلح تنازلا عن الرسالة الإلهية والأهداف السامية وغفل عن آثاره البنّاءة التي كشف عنها سير الزمان كما هو مذكور في تاريخ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) راجع النبات في حقل الحياة ، تأليف نقي الموصلي ، الشيخ العبيدين.