حصيلة الروايات
إنّ الإمعان في مضامين هذه الروايات يثبت أنّ تغير الحكم إنّما كان لإحدى الجهات التالية :
١. إذا كان حكما حكوميا وولائيا نابعا من ولاية النبي وصلاحياته في إدارة المجتمع وحفظ مصالحه ، فمثل هذا الحكم لا يكون حكما شرعيا إلهيا نزل به أمين الوحي عن ربّ العالمين ، بل حكما مؤقّتا يدور مدار المصالح والمفاسد التي أوجبت تشريع هذا النوع من الأحكام.
ومن هذا القبيل النهي عن إخراج اللحم من منى قبل ثلاثة أيّام ، أو النهي عن أكل لحوم الحمير ، ولذلك قال الإمام بعد تبيين علّة النهي إنّما الحرام ما حرّم الله في القرآن ، مشيرا إلى أنّه لم يكن هذا النهي كسائر النواهي النابعة من المصالح والمفاسد الذاتية ، كالخمر والميسر بل نجم عن مصالح ومفاسد مؤقتة.
ونظيرهما النهي عن الخروج من مكان ظهر فيه الطاعون ، حيث إنّ النهي كان لأجل أنّ تحوّلهم من ذلك المكان كان أشبه بالفرار من الزحف فوافاهم النهي ، فإذا زال هذا القيد فلا مانع حينئذ من خروجهم.
٢. انّ تبدل الحكم كان لأجل انعدام الملاك السابق ، وظهور ملاك مباين ، كما هو الحال في حديث الدينارين ، بخلاف عصر الإمام الصادق حيث كان يعطون من السنة إلى السنة.