ولا يشترط معرفة المجتهد بجميع الأحكام والاطّلاع على مدارك جميع المسائل ، لأنّه غير مقدور للبشر.
البحث الثاني : في أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن متعبّدا بالاجتهاد
اختلف الناس في ذلك فالذي عليه الإمامية (١) والجبّائيان أنّه لم يكن متعبّدا بالاجتهاد في شيء من الأحكام. وقال الشافعي وأبو يوسف بالجواز. وقال آخرون : إنّه متعبّد بالاجتهاد في الحروب ، فأمّا في أحكام الدين فلا. وتوقّف الباقون. (٢)
لنا وجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٣) ، وقوله تعالى : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ)(٤) وهو ينفي أن يكون الحكم الصادر عنه بالاجتهاد.
الثاني : قال له صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض الصحابة في منزل نزله : «إن كان هذا بوحي من الله فالسمع والطاعة ، وإلّا فليس هو بمنزل مكيدة». فدلّ على جواز
__________________
(١) مر بيان ما هو الحق في هذه المسألة في مقدمة هذا الجزء لآية الله السبحاني : ٩ وما بعدها ، فراجع.
(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٨٩ ؛ الإحكام : ٤ / ١٧٢.
(٣) النجم : ٣ ـ ٤.
(٤) يونس : ١٥.