الفصل الثالث :
في التعادل
وفيه بحثان :
الأوّل : في جوازه
الإجماع على أنّه لا يجوز تعادل الأدلّة العقلية المتقابلة بالنفي والإثبات لوجوب حصول المدلول عند وجود الدليل ، فلو تعادل دليلان في نفسهما لزم حصول مدلوليهما ، وهو يستلزم اجتماع النقيضين.
وأمّا الأمارات الظنّية فقد اختلفوا في تعادلها ، فمنعه الكرخي وأحمد بن حنبل ، وجوّزه الباقون. ثمّ اختلف المجوّزون في حكمه عند وقوعه فقال الجبّائيان والقاضي أبو بكر من الأشاعرة : حكمه التخيير ، وعند بعض الفقهاء أنّهما يتساقطان ويرجع إلى مقتضى العقل.
واعلم أنّ تعادل الأمارتين قد يقع في حكمين متنافيين والفعل واحد ، كتعارض الأمارتين الدالّتين على كون الفعل قبيحا ومباحا. وقد يكون في فعلين متنافيين والحكم واحد ، كوجوب التوجه إلى جهتين غلب في ظنّه أنّهما جهتا القبلة.