البحث الرابع : في القول بالأشبه
هذا لا يجيء على رأي الإمامية ومن وافقهم فإنّ لله تعالى في كلّ مسألة حكما معينا ، وإنّما يأتي على رأي المصوبة.
وقد اختلف القائلون بعدم الحكم فقال بعضهم : بالأشبه ، وهو أنّه وإن لم يكن لله تعالى فيها حكم لكن لو حكم لم يحكم إلّا بكذا. ونفاه المحقّقون. وهو الحق. (١)
لنا : انّ ذلك الأشبه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات وكان موجودا ، كان الأمر به واردا بالإجماع على وجوب العمل بأقوى الأمارات. فحينئذ يكون الحكم بذلك الأشبه واردا ، وقد فرض غير وارد. هذا خلف.
وإن لم يكن أقوى الأمارات موجودا لم يكن الأشبه أيضا موجودا ، لأنّا فرضنا الأشبه هو أقوى الأمارات.
وأمّا أن يكون الأشبه شيئا غير العمل بأقوى الأمارات ، استحال أن يكون مفسدة للمكلّف ، إذ لا قائل بوجوب حكم في كلّ واقعة لو نصّ الله تعالى على حكم فيها لنصّ عليه مع كونه مفسدة للمكلّف.
وإن كان مصلحة فإن قلنا بوجوب رعاية المصالح ـ كما هو مذهبنا ومذهب المعتزلة ـ وجب أن ينص الله تعالى عليه ، ليتمكّن المكلف من
__________________
(١) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٥٢٠.