لنا وجوه (١) :
الأوّل : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) أمر بالسؤال ، وهو عام لكلّ من لا يعلم وهو عام أيضا.
وفيه نظر أمّا أوّلا : فللمنع من العموم ، إذ ليست الصيغة من صيغ العموم. وأمّا ثانيا : فلوروده عقيب إرسال الرجال (٣) فيعود عليه.
الثاني : الإجماع فإنّه لم تزل العامّة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يرجعون في الأحكام إلى قول المجتهدين ويستفتونهم في الأحكام الشرعية ، والعلماء يسارعون إلى الأجوبة من غير إشارة إلى ذكر دليل ولا ينهونهم عن ذلك ، فكان إجماعا.
الثالث : العامّي إذا حدثت به حادثة [فإن لم يكن] متعبّدا بشيء [فهو باطل] وليس مجازا إجماعا ، بل لا بدّ من طريق [الاستدلال] ، وليس البحث والنظر في الدليل المثبت للحكم [أمرا ميسورا] للإفضاء ذلك إلى تعطيل المعاش والاشتغال بالفكر في فروع المسائل عن مصالح العباد ، وهو يستلزم خراب الدنيا وفساد الحرث والنسل ، وذلك من أعظم الحرج المنفي بقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٧ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٣٤.
(٢) النحل : ٤٣.
(٣) إشارة إلى قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل : ٤٣.
(٤) الحج : ٧٨.