فلنستعرض مثالا يتبيّن فيه دور الزمان في كشف اللثام عن مفهوم الآية.
إنّه سبحانه يصف عامة الموجودات بالزوجية من دون فرق بين ذي حياة وغيره ، يقول : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١).
وقد شغلت الآية بال المفسرين وفسّروها بما وصلت إليه علومهم ، قال الراغب في تفسير الآية : وفي الآية تنبيه على أنّ الأشياء كلّها مركبة من جوهر وعرض ، ومادة وصورة ، وان لا شيء يتعرّى من تركيب يقتضي كونه مصنوعا وأنّه لا بدّ له من صانع ، تنبيها على أنّه تعالى هو الفرد ، فبيّن أنّ كلّ ما في العالم زوج ، حيث إنّ له ضدا أو مثلا ما ، أو تركيبا ما ، بل لا ينفك بوجه من تركيب وإنّما ذكر هاهنا زوجين ، تنبيها على أنّ الشيء وإن لم يكن له ضد ولا مثل ، فإنّه لا ينفك من تركيب جوهر وعرض ، وذلك زوجان. (٢)
غير أنّ الزمان فسّر حقيقة هذه الزوجية العامة ، بتركيب الذرّة (Atom) من جزءين معروفين.
وقد عبّر القرآن عن هذين الجزءين الحاملين للشحنتين المختلفتين ، بالزوجية ، حتى لا يقع موقع التكذيب والردّ ، إلى أن يكشف الزمان مغزى الآية ومفادها.
__________________
(١) الذاريات : ٤٩.
(٢) مفردات الراغب : ٢١٦ ، مادة «زوج».